للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشعر والصوف إلى أن يبدو الجلد، والنهك المبالغة، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- للخافضة: (أشمي (١) ولا تنهكي (٢)) أي لا تبالغي في ختان المرأة. قال الطحاوي: لم أر عن الشافعي في ذلك شيئا منصوصا، وأصحابه الذين رأيناهم كالمزني والربيع كانوا يحفون، وما أظنهم أخذوا ذلك إلا عنه، وكان أبو حنيفة وأصحابه يقولون: الإحفاء أفضل من التقصير، وخالف مالك. انتهى وقال الأثرم: وكان أحمد يحفي شاربه إحفاء شديدا، ونص على أنه أولى من القص. وقال النووي: المختار في قص الشارب أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله، وأما رواية أحفوا فمعناه أزيلوا ما (٣) على الشفتين: قال ابن دقيق العيد: ما أدري هل نقله عن الذهب أو قاله اختيارا منه لمذهب مالك؟ وقال القاضي عياض: ذهب كثير من السلف إلى استيعاب الشارب وحلقه لظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم- (أحفوا وانهكوا)، وهو قول الكوفيين، وذهب كثير منهم إلى منع الحلق، وقاله مالك، وذهب بعض العلماء إلى التخيير في الأمرين، ودليل القص ما في أبي داوود والبيهقي عن المغيرة بن شعبة: كان شاربي وَفَى فقصه على سواك (٤)، ولفظ البيهقي: فوضع السواك تحت الشارب وقص عليه (٥)، وروى البزار نحوه عن عائشة، وأخرج الترمذي عن ابن عباس، (أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقص شاربه (٦)، وأخرج الطبراني والبيهقي من حديث شرحبيل بن مسلم الخولاني قال: رأيت خمسة من أصحاب رسول الله -صلى عليه وسلم- يقصون شواربهم: أبا أمامة الباهلي، والمقدام بن معدي كرب الكندي، وعتبة بن عبد السلمي، والحجاج بن عامر، وعبد الله بن بسر (٧). ودليل الإحفاء ما في كلام ميمون بن مهران


(١) في الأصل أسنمى وما بين المعقوفين من النهاية في غريب الحديث ج ٥ ص ١٣٧.
(٢) لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل. أبو داود، كتاب الأدب، رقم الحديث: ٥٢٧١.
(٣) الذي في شرح العلقمي للجامع الصغير أزيلوا ما طال عن الشفتين.
(٤) أبو داود، كتاب الطهارة، الحديث: ١٨٨. وفيه: فقصه لي على سواك.
(٥) عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا طويل الشارب فدعا بسواك وشفرة فوضع السواك تحت الشارب فقص عليه. البيهقي، ج ١ ص ١٥١.
(٦) عن ابن عباس قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقص أو يأخذ من شاربه وكان إبراهيم خليل الرحمن يفعله. سنن الترمذي، كتاب الأدب، رقم الحديث ٢٧٦٠.
(٧) رأيت خمسة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقصون شواربهم ويعفون لحاهم ويصفرونها: أبو أمامة الباهلي وعبد الله بن بسر وعتبة بن عبد السلمي والحجاج بن عامر الثمالى والمقدام بن معد يكرب الكندي كانوا يقصون شواربهم مع طرف الشفة. البيهقي في السنن الكبرى، ج ١ ص ١٥١.