للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضي الله تعالى عنهما (أن رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- نهى عن القزع (١))، وهو حلق بعض رأس الصبي وتركَ بعضه، وهو بفتح القاف والزاي وهذا التفسير هو الأصح، ومنهم من قال: هو حلق مواضع متفرقة من الرأس، وأجمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضع متفرقة إلا أن يكون لمداواة ونحوها، وهي كراهة تنزيه كرهه مالك رضي الله تعالى عنه في الجارية والغلام مطلقا، وقال بعض أصحابه: لا بأس به في القصة أو القفا للغلام، ومذهبنا كراهته مطلقا للرجل والمرأة لعموم الحديث قاله النووي، ويحرم حلق الشارب والعنفقة واللحية، وقيل يكره حلق اللحية وهذا كله في حق الرجل، وأما المرأة فيجب عليها حلق جميع ذلك كما مر، وانظر في الخنثى إذ قد يبقى على إشكاله مع نبات اللحية. وقوله: "وفي لحيته" لا فرق بين أن يحلقها هوأو غيره أو تسقط كما مر، وقد علمت أن مثل حلق اللحية العنفقة والشارب، وكذلك تحذيف المغاربة لما حوالي العارضين والشارب.

واعلم أن حلق اللحية لا يجوز وكذلك الشارب، وهو مثلة بدعة، ويؤدب من حلق شاربه أو لحيته إلا أن يريد الإحرام بالحج، ويخشى طول شاربه. قال إمامنا مالك: من أحفى شاربه يوجع ضربا، وهو بدعة، وإنما الإحفاء المذكور في الحج إذا أراد أن يحرم فأحفى شاربه خشية أن يطول في زمن الإحرام ويؤذيه فقد رخص له فيه، وكذلك إذا دعت ضرورة إلى حلقه أو حلق اللحية لمداواة ما تحتها من جرح أو دمل ونحو ذلك. والله سبحانه أعلم. قاله الحطاب.

قال جامعه عفا الله تعالى عنه: وها أنا أذكر لك كلام الأئمة في اللحية والشارب والعنفقة لتتم الفاندة فأقول معتصما بالله تعالى: قال العلقمي في شرح قوله -صلى الله عليه وسلم- (خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى (٢)) الفعلان بقطع الهمزة، ووصلها يقال: أحفى شاربه وحفاه إذا استأصل أخذ شعره، قال الحافظ بن حجر: وقد ورد بلفظ (انهكوا الشوارب (٣))، وبلفظ (جزوا الشوارب (٤))، وكل هذه الألفاظ تدل على أن المطلوب المبالغة في الإزالة، لأن الجز قص


(١) مسلم في صحيحه، كتاب اللباس، رقم الحديث ٢١٢٠. - البخاري، كتاب اللباس، رقم الحديث: ٥٩٢١.
(٢) مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٥٩.
(٣) انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى البخاري، كتاب اللباس، رقم الحديث: ٥٨٩٣.
(٤) جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٦٠.