للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلاب؟ فإنه ينتقض بذلك عهده، قال ابن القاسم: سألنا مالكا عن نصراني بمصر شهد عليه أنه قال: مسكين محمد يخبركم أنه في الجنة فهو الآن في الجنة ما له لم ينفع نفسه إذ كانت الكلاب تأكل ساقيه؟ لو قتلوه استراح منه الناس، قال مالك: أرى أن تضرب عنقه، وقوله: كليس بنبي، إلى هنا مثال للسب الذي لم يكفروا به، والمراد بما لم يكفروا به ما لم يقروا عليه، وبما كفروا به ما أقررناهم عليه، وقوله: "أو مسكين محمد" الخ، قال البساطي: ينبغي أن لا يكون تحت التبري إذ لا شك في قصد التنقيص به وليس من مهيع ما قبله.

وقتل إن لم يسلم؛ يعني أن الذمي إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يكفر به، فإنه يقتل وجوبا إن لم يسلم، وأما إن أسلم إسلاما غير فار به من القتل لم يقتل، لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا} الآية، ولا يقال له: أسلم، والفرق بين الذمي الساب يقتل إن لم يسلم والمسلم الأصلي الساب يقتل ولا تقبل توبته من أجل حق الآدمي، هو أن الذمي منعناه من إظهار ما في باطنه من تنقيصه صلى الله عليه وسلم مع علمنا به، فلم يزدنا ما أظهره إلا مخالفة للأمر ونقضا للعهد، فإذا أسلم سقط ما قبله، والمسلم ظننا أن باطنه كظاهره بخلاف ما بدا منه الآن، وأما غير السب مما ينقض به العهد فإنه يوجب الرجوع للأصل من التخيير بين الأمور السابقة الخمسة المشار إليها بقوله: كالنظر في الأسرى بقتل أو من أو فداء أو جزية أو استرقاق، وقيل: لا يسقط إسلام الذمي الساب قتله لأنه حق للنبي صلى الله عليه وسلم، وجب لانتهاك حرمته؛ لأنه إذا لم تقبل توبة المسلم فأولى توبة الكافر، وفي الشفا: لا خلاف عندنا أن الذمي إذا صرح بسب نبينا أو عرض أو استخف بقدره أو وصفه بغير الوجه الذي كفر به أنه يقتل إن لم يسلم، وهذا قول عامة العلماء إلا أبا حنيفة والثوري وأتباعهما من أهل الكوفة، فإنهم قالوا: يؤدب ويعزر. انتهى. ملخصا من كبير الشارح، وشرح عبد الباقي، وحاشية بناني.

وإن خرج لدار الحرب وأخذ استرق؛ يعني أن الذمي إذا خرج من دار الإسلام لدار الحرب ناقضا للعهد، فإنه يسترق إذا أخذ على ما اتفق عليه مالك وأصحابه، وقال أشهب: لا يسترق، وذكر الاسترقاق وإن كان مخيرا فيه الإمام في جميع الوجوه المتقدمة من الاسترقاق وغيره ردا لقول