للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها (١))، قوله معالي الأمور هي الأخلاق المحمودة، كالتواضع والصبر وسلامه الصدر والزهد وحسن الخلق وكثرة الاحتمال، وقوله: ويكره سفسافها أي دنيها من الأخلاق المذمومة، كالكبر والغضب والحقد والحسد وسوء الخلق وقلة الاحتمال، انظر المحلى عند قول ابن السبكي: وذو النفس الأبية يربأ بها عن سفساف الأمور ويجنح إلى معاليهاة وقال عليه الصلاة والسلام: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. انتهى.

وأولى الخلق بذلك أكمل البيت النبوي لكريم مجدهم، ولشريف نسبهم، ولتكون حشمتهم في النفوس موفورة، وحرمة الرسول صلى الله عليه وسلم محفوظة، حتى لا ينطق بذمّهم لسان ولا يشنأهم إنسان، رأولى الناس بالمروءة من كانت له بنوة النبوءة، ومنها أيضا ترك الفخر بالآباء وعدم التعويل عليهم، فقد قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يسئلكم عن أحسابكم ولا عن أنسابكم يوم القيامة إلا عن أعمالكم إن أكرمكم عند الله أتقيكم (٢) وعنه صلى الله عليه وسلم: (الناس مستوون كأسنان المشط ليس لأحد على أحد فضل إلا بتقوى الله عز وجل (٣) وقال صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى (خيركم عند الله أتقيكم (٤) وقال عليه الصلاة والسلام: (الناس رجلان رجل بر تقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله (٥)) إن الله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣) وقال صلى الله عليه وسلم: (من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه (٦) وقال عليد السلام: (إن الله عز وجل أوحى إلي أن تواضعوا حتى


(١) المعجم الأوسط رقم الحديث، ٢٩٤٠.
(٢) الطبقات الكبرى، ج ١ ص ١٣.
(٣) الفردوس للديلمي، ج ٤ ص ٣٠١، رقم الحديث، ٦٨٨٣.
(٤) مجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٦٩، وما بين القوسين في الصواعق ص ٦٤٩.
(٥) سنن الترمذي كتاب التفسير، رقم الحديث: ٣٢٧٠.
(٦) صحيح مسلم، كتاب الذكر، رقم الحديث، ٢٦٩٩.