للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضرورة كالميتة؟ وكل من بيده شيء من المتشابه إذا وجد عنه مندوحة تعين طرحه ويجب الانفكاك عنه ما استطاع، فينبغي لذي المروءة الدينية التنزه عن كل ما نهي عنه، والسر في ذلك تحسين الهيئة والتجمل بمحاسن السيرة والملابس النورانية لملاقاته صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة حين يستبشر صلى الله عليه وسلم بوجوه مضيئة ناضرة لم يدنسها تلبس بحرام ولا مكروه، ولا يحوج المؤمن نبيه ولا الشريف جده صلى الله عليه وسلم إلى الاعتذار عنهما في حقوق الله تعالى، ولا أن يؤدي عنهما ما تحملاه من الأوزار والتبعات بل تدهم خطوب المحن وأهوال الموقف قبل الإذن في الشفاعات، ويخشى على المستهزئين بالأوامر النبوية أن يحال بينهم وبين الشافعين حتى ينفذ وعيد الحق سبحانه، فإن الحقوق إذا قوبل العبد بالعدل فيها لابد من ذكرها وطلبها إظهارا لسر التكليف وبيان فضائل الذي وفى من العبيد.

واعلم أن من لا يبالي من أين اكتسب ماله وحاطت بما في يده مصائب معاملاته، لا تجوز على المنصوص معاملته فيما عنده لا بيعا ولا شراء ولا تضييفا ولا قبول هديته، وقد قال أئمة هذا الشأن: من مد يده للعطاء من غير استفصال أكل الحرام النص، وفي الصحاح: نص كل شيء: منتهاه، والتقوى أساس الفلاح ولا غنى عنه للمؤمن، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس (١) وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: دلني على عمل أدخل به الجنة: قال: (لا تسئل الناس شيئا ولك الجنة (٢) قال: زدني، قال: (لا تغضب ولك الجنة (٣) وقال صلى الله عليه وسلم: (من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما هي جمر فليستقل أو ليستكثر (٤) وقال صلى الله عليه وسلم: (من سأل عن ظهر غنى فصداع في الرأس وداء في البطن (٥))، ولأجل هذا كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يأنفون من


(١) سنن الترمذي رقم الحديث ٢٤٥١.
(٢) جامع الأحاديث للسيوطي، رقم الحديث، ١٦٤١٨.
(٣) جامع الأحاديث للسيوطي، رقم الحديث، ١٦٤١٨.
(٤) صحيح مسلم، كتاب الزكاة، رقم الحديث ١٠٤١.
(٥) السنن الكبرى للبيهقي، ج ٤، ص ١٧٤.