للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مؤلفه عفا الله تعالى عنه: الذي يدل عليه النص الفقهي أن هذا الولد المذكور يكون رقيقا لمالكه، ولكن نعوذ بالله تعالى من استرقاقه. والله سبحانه أعلم. ويجب عليهم -أي أهل البيت- التنزه عن أوساخ الصدقات والزكاة والكفارات، فإن جدهم مولانا محمدا صلى الله عليه وسلم نوه بتحريم ذلك عليهم بقوله عليه الصلاة والسلام: (إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة (١))، أو كيفما قال صلى الله عليه وسلم، ويجب على كل منهم النظر في فقه ذلك وما يلزمه في خاصة نفسه منه، وما يرخص له فيه عند الضرورة، ويعرف الفرق بين الصدقة والهدية والهبة، وما حد الضرورة التي تبيح له أخذ شيء من ذلك، فقد توسع اليوم في هذا الباب كبيرهم ومن دونه حتى كأن الجميع مباح لهم على الإطلاق في جميع الحالات، أو ليسوا مخاطبين بالتحريم ولم يقدروا قدر نسبتهم وما أمروا به في ذلك ولم يفرقوا بين الغني والفقير ولا بين القوي والضعيف ولا بين الواجد والعديم، بل يطلبون الزكاة ولا يتحرجون في أكل الصدقات فلا يحل لهم ذلك على الجملة، أما مثل الطعام الذي يؤتى به إلى المساجد والمكاتب والمقابر وما يسمونه عشاء الميت، فكل ما شاكل هذه الأشياء يتعين أن يكون صدقة، فمن كان عنده منهم غداؤه أو عشاؤه فلا يحل له أكله، فلو خصه رب الطعام حينئذ على الانفراد عن العامة لكان له أن يأكله ولو كان غنيا؛ لأنه إذ ذاك يصير هبة وهذا من آفة عدم اعتنائهم بما يجب عليهم، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه شيء يقول: (صدقة أم هدية (٢))، فمن ضيع حقوق الله تعالى أتلف الله تعالى حقوقه في الدنيا والآخرة، وأما ما يقصد به أحدهم محب له أو صديقه أو معاشره إذا كان يعرفه فيتعين أن يكون هبة أو هدية، فيجري على حكم ذلك في الفقه، وأما الزكاة فهي أخف للمضطر منهم ومن بعضهم لبعض أخف من عامة الناس لأنها درن لكنها دون الصدقة والكفارة وزكاة الفطر، ومن الزكاة تؤدّى عطياتهم إذا عدمت أو ظلموا فيها فتباح لهم الزكاة حينئذ عند المخافة على إتلاف النفوس، وينبغي أن ينظر في الوجه الذي يصح فيه اضطراره ولا يقبل على الأخذ على سبيل البله والغفلة فيقع فيما هو محرم عليه، فإذا أبيح له شيء من ذلك فهل يباح له التوسع أو على قدر


(١) صحيح ابن حبان، ج ٢ ص ٥٢، (٧٢٠)، مسند أحمد، ج ١ ص ٢٠٠، وج ٣ ص ٤٩٠، ج ٦ ص ٣٩٠، وأصله في الصحيح.
(٢) سنن الترمذي، رقم الحديث، ٦٥٦، سنن النسائي، رقم الحديث، ٢٦١٣.