للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من سالمه بحذاء عسكره وقربه ما لم يكن في داخل عسكره، وقال الشيخ إبراهيم: ولو عبر المص بكتابي بدل مشرك لكان أولى؛ لأنه هو الذي فيه الخلاف بين مالك وأبي حنيفة، وأما الشرك غير الكتابي فلا يستعان به باتفاقهما. انتهى.

وقوله: إلا لخدمة؛ مستثنى من حرمة الاستعانة بالمشرك؛ يعني أن حرمة الاستعانة بالمشرك محلها في الصف والزحام، وأما الخدمة منهم لنا فلا بأس بالاستعانة بهم فيها، كحفر أو هدم أو رمي بمنجنيق أو صنعة، وتجوز الاستعانة بالعبيد إذا أذن السادات وبالمراهقين إن كان فيهم فنَّة، وقوله. "لخدمة"، اللام فيه إما بمعنى: في، أو بمعنى: على. قاله الشيخ إبراهيم.

وإرسال مصحف لهم؛ يعني أنه يحرم إرسال المصحف للمشركين ولو طلبه الطاغية أي ملكهم لتدبره، وكره ذلك خشية إهانته ولأنهم لا يتوقون النجاسات، فينال المصحف ما ينزه عنه وهم أنجاس، وأهل ظنة وبغض في الإسلام وأهله، والمراد بالصحف ما قابل الكتاب الذي فيه كالآية، ولا يجوز تعليم الكافر القرآن ولا الفقه، وكره مالك إعطاء الكافر درهما فيه آية من القرآن، ولا خلاف فيه إذا كانت آية تامة وإنما اختلفوا إذا كان فيه اسم من أسماء الله تعالى ولم تكن الدراهم عليها اسم الله تعالى.

وإنما ضربت دراهم الإسلام في أيام عبد الملك بن مروان، وأجاز مالك وأبو حنيفة والشافعي أن يقرأ عليهم القرآن وأن يبعث إليهم كتاب فيه آيات من القرآن، والأحاديث بذلك كثيرة، وأجاز أبو حنيفة تعليم الكافر القرآن رجاء الإسلام.

وسفر به لأرضهم؛ يعني أنه كما يحرم إرسال المصحف للكفار يحرم السفر به لأرضهم ولو مع جيش كثير مخافة سقوطه منا ولا نشعر به فتناله الإهانة وتصغير ما عظم الله تعالى، وفي الموطإ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (١)).

كمرأة تشبيه في الحرمة؛ يعني أنه يحرم علينا أن نسافر بالمرأة إلى أرض الكفار؛ يعني مسلمة حرة أو أمة ملك لمسلم أو حرة كتابية زوج لمسلم. إلا في جيش آمن؛ يعني أن محل حرمة السفر بالمرأة إلى أرض الكفار ما لم تكن في جيش كثير آمن، وأما إن كانت في جيش كثير آمن فإنه


(١) الموطأ ج ١ ص ٢٩٣.