للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحسب مسافته؛ يعني أن الكثرة في الركوب والقلة تعتبران بحسب المسافة من صعوبة وسهولة أو مساحة، فقد يكون الركوب يسيرا في النظر كما لو ركب دون اليوم لكن لقرب مسافته يكون كثيرا، وقد يكون اليسير كثيرا في النظر كما لو ركب فوق اليومين لكن لبعد مسافته يكون يسيرا، وقد يكون بعض المسافة صعبا فيكثر منه بحسب صعوبته ما لا يكثر من غيره لسهولته، والنظر في ذلك لأهل المعرفة ونصف المسافة من حيز الكثير كما في المواق، وظاهره فيها صعوبة أولا بعيدة أو قريبة. أو المناسك والإفاضة؛ يعني أن الشخص إذا لزمه المشي لنذر أو ليمين حنث فيها ولم يمش جميع الطريق بل ركب كثيرا، فإنه يرجع إلى الموضع الذي ابتدأ منه الركوب ويمشي بقية الطريق ويهدي، وكذا لو لم يركب كثيرا لكنه ركب المناسك والإفاضة أي ركبهما معا، فالواو بمعنى: مع، والمناسك ما يفعله من خروجه من مكة إلى رجوعه لمنى، والمراد بالإفاضة رجوعه من منى إلى تمام طواف الإفاضة، فإن ركب أحدهما وجب الرجوع في المناسك أيضا لا في الإفاضة كما يأتي، وقوله: "أو المناسك والإفاضة"، هو قول الإمام، وقال ابن يونس: الصواب أن لا رجوع عليه لأنه بر بوصوله إلى مكة.

نحوُ المصري، مضاف ومضاف إليه، والمضاف يتنازعه "رجع""وأهدى" و"ركب"؛ يعني أن الذي يرجع ويهدي إن ركب كثيرا أو المناسك والإفاضة إنما هو متوسط المسافة كمن في مصر ونحوها، وأحرى القريب الدار كالمدني ونحوه، إلا أن رجوعه ثانيا لا خلاف فيه، كما أن من بعدت داره كالإفريقي والأندلسي لا يرجع ثانيا بلا خلاف، فالأقسام ثلاثة: قريب الدار كالمدني يرجع بلا خلاف، بعيد الدار كالإفريقي لا يرجع بلا خلاف، متوسط الدار كالمصري يرجع على المشهور. وقيل لا يرجع ولو ركب كثيرا، وقيل إن الذي يركب عقبة ويمشي أخرى يبتدئ المشي كله. رواه ابن المواز عن الإمام. وروى ابن حبيب عن مالك أنه يمشي أماكن ركوبه ولم يفصل: وسيأتي الكلام على هذا إن شاء الله تعالى، وقوله: "أو المناسك والإفاضة"، محل رجوعه إذا سافر من مكة، فأما لو أقام بمكة إلى العام القابل لحج من مكة وأجزأه. قاله الإمام الحطاب. واعلم أنه لا يجعل مشيه الأول ولا الثاني فريضة قابلا هو صفة لمقدر؛ أي زمنا قابلا: وهو معمول لرجع؛ يعني أن من وجب عليه الرجوع يرجع زمنا قابلا ولو بعد سنين؛ إذ لا يضر تأخيره عن