ومذهب الإمام مالك أن التضعيف الوارد في المسجد الحرام هو في الفرض والنفل، والقول بأنه في الفرض فقط خارج المذهب، وظاهر كلام المص أيضا لزوم المشي ولو لامرأة وهو كذلك كما في المدونة، وقيدها ابن محرز بما إذا لم يلحقها ضرر يظن به انكشافها، ولم تخش منها الفتنة وإلا لم يلزمها المشي بل ربما امتنع عليها وارتضاه في التوضيح، وللزوج منعها من نذر المشي، وأفتى ابن القاسم ابنه عبد الصمد على ما قاله أبو عمر في حنثه في نذر الشي لمكة، بقول الليث: كفارة يمين. وعبد الصمد. هذا أحد رواة ورش الثلاثة، وهم: الأزرق وعبد الصمد والأصبهاني، والذي في المدارك أن صاحب القضية هو ولده موسى لا عبد الصمد، ووجه فتوى ابن القاسم لابنه بقول الليث أنه خاف أنه إن كلف ابنه المشي لا يفعله فيستهين بمسألة من الدين فيكون طريقا إلى الاستهانة بغيرها.
اللخمي: الناذر للمشي إن نوى حجا أو عمرة أو طوافا أو صلاة لزمه ويدخل محرما إذا نوى حجا أو عمرة، وإن نوى طوافا يتخرج دخوله محرما على الخلاف في جواز دخول مكة حلالا، وناذر السعي يختلف فيه هل يسقط نذره أو يأتي بعمرة؛ لأن السعي ليس بقربة بانفراده فيصح نذره بحسب الإمكان؟ وإن نذر صلاة فريضة أتى مكة ووفى بنذره وهذا قول مالك، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يأتي للنفل، فإن نوى الوصول -خاصة وهو يرى أن ذلك قربة- لم يكن عليه شيء، وإن كان عالما أنه لا قربة فيه كان نذره معصية، فيستحب له أن يأتي بذلك المشي في حج أو عمرة وإن لم تكن له نية مشى في حج أو عمرة. انتهى مختصرا.
وقال الرجراجي: إذا حلف بالمشي إلى مكة ونوى الوصول ويعود ولا نية له في أكثر من ذلك فلا يخلو من وجهين، إما أن يرى أن ذلك قربة وفضيلة فلا شيء عليه لا مشي ولا غيره، أو يكون عالما أنه لا فضيلة في نذره ووصوله إلى مكة فيكون نذره معصية، وهل يلزمه أن يجعل ذلك في حج أو عمرة في ذلك قولان، أحدهما أنه يجعل ذلك في حج أو عمرة ويلزمه ذلك وجوبا، والثاني لا شيء عليه ولا يلزمه المشي وهما مبنيان على الخلاف فيمن نذر معصية، هل يلزمه أن يعكس نذره في طاعة أم لا؟ قاله الإمام الحطاب.