للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الدين سواء أوجبها أم لا، وإذا ذبحت وقام عليه الغرماء فليس لصاحبها أن يأخذها، لقوله في الفلس: أو ذبح كبشه.

ولما أنهى الكلام على الضحية أتبعه بالكلام على العقيقة لإحالتها على الضحية، فقال: وندب ذبح واحدة؛ يعني أنه يندب للأب من ماله أن يعق عن ولده أي يذبح أو ينحر عنه واحدة من النعم كان الولد ذكرا أو أنثى، وقوله: "واحدة"؛ أي كاملة فلا يجزئ بعض واحدة، وهذه الذبيحة تسمى عقيقة من العق وهو القطع، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، وقال أبو عبيد: العقيقة الشعر الذي يكون على رأس المولود: كأن بقاءه عقوق في حق الجنين، وكذا جاء في الحديث: (أميطوا عنه الأذى (١))، فسميت عقيقة لأنها تذبح عند حلقه، وهذا من تسمية العرب صوف الجذع وشعر المولود من الناس والبهائم الذي يولد عقيقة وعقيقا وعقا بالكسر، ثم نقل من الشر إلى ما يذبح للولادة ولا تندب للأب من مال ولده، وقيل: إنها في مال الولد، فإن لم يكن له مال ففي مال الأب، ولا تندب لغير الأب كالأخ إلا الوصي فتندب له من مال اليتيم بما لا يجحف كذا ينبغي. قاله الشيخ عبد الباقي.

وينبغي أيضا الرفع لمالكي إن كان حنفي لا يراها عن يتيم وإلَّا السيد فيندب إذنه لعبده أن يعق عن ولده، ولا يعق عنه بغير إذن سيده ولو مأذونا له في تجارة، قال كرام: ولا تلزم السيد عن رقيقه كالأضحية.

وظاهر المص تعلق الندب بالأب ولو كان لا مال له وللولد مال، ولعله حيث وجد من يسلفه ويرجو الوفاء وإلا لم يخاطب بها، ولو أيسر بعد مضي زمنها كما يظهر، وكذا الظاهر سقوطها بمضي زمنها ولو موسرا فيه، وقوله: "واحدة"، محله إن اتحد الولد، فإن تعدد كتوأمين أو أكثر أو غير ذلك كتعدده من نساء تعددت العقيقة، فلا يجزئ أن يجمع اثنين في شاة مثلا، بل يعق عن كل مولود بواحدة ذكرا أو أنثى واحدا كان أو أكثر، وقوله: "واحدة"، هذا هو المشهور لخبر أبي داوود عن ابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن كبشا وعن الحسين


(١) صحيح البخاري رقم الحديث ٥١٥٤.