للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصنع بها ما شاء يعني أنها إن تعيبت قبل الذبح فإنها لا تجزئ ضحية، وحينئذ فإنه يباح له أن يصنع بها ما شاء من بيع وغيره حيث لم يذبحها على أنها ضحية، فإن ذبحها على أنها ضحية فهو قوله: "أو تعيبت حالة الذبح أو قبله"، فهذا مفهوم ما تقدم إذ ما هنا لم يذبحها ضحية وما مر ذبحها ضحية. والله سبحانه أعلم. وظاهر قوله: "وصنع بها ما شاء"، ولو كانت منذورة. قاله الشيخ عبد الباقي. وانظره مع ما يأتي عند قوله: كحبسها حتى فات الوقت؛ يعني أن من حبس أضحيته حتى انقضت أيام النحر يصنع بتلك الأضحية ما شاء من بيع وغيره، وكذا من ضلت أضحيتة ثم وجدها بعد أيام النحر فليصنع بها ما شاء، وليس لأحد أن يضحي بعد أيام النحر، ولو وجدها في أيام النحر فليذبحها إلا أن يكون قد ضحى ببدلها فليصنع بها ما شاء، ومحل كلام المص هنا في غير المنذورة، وأما المنذورة فيلزمه ذبحها كما نقله ابن عرفة عن الجلاب، ولا يصنع بها ربها ما شاء، ويفيده ما تقدم من أن النذر يمنع البيع والبدل.

وبما تقدم عن الجلاب يسقط تنظير بعض الشراح حيث يقول: وانظر لو أوجبها بالنذر فضلت حتى ذهبت أيام النحر ثم لقيها ماذا يفعل بها؟ انتهى.

إلا أن هذا آثم؛ يعني أن هذا الذي حبس الأضحية وأخر ذبحها إلى أن انقضت أيام النحر آثم. قاله ابن القاسم في المدونة وتعقب بأن الإثم من خصائص الوجوب، وأجيب عنه بثلاثة أوجه: أولها أن التأثيم أو الاستغفار في كلامهم ليس خاصا بالوجوب بل يطلقون التأثيم كثيرا على ترك السنن ويقولون في تارك بعضها: يستغفر الله كما قاله في المدونة في تارك الإقامة، ثانيها وهو الذي ذكره المص أنه محمول على أنه كان أوجبها، ثالثها أن تركه للأضحية دليل على أنه ارتكب ذنبا يأثم فيه حتى فوته الله بسببه هذا الثواب؛ لأن الله عز وجل يحرم الإنسان القربة بذنب أصابه.

ولما قدم منع المعاوضة في الأضحية ذكر جواز قسمها، فقال: وللوارث القسم؛ يعني أنه يجوز للورثة قسم الضحية بالقرعة حيث مات الوروث ولم يوجبها لكنهم أنفذوها بأن ذبحوها عنه حيث عينها قبل موته، وقد علمت أنهم يندب لهم إنفاذها، فإذا أنفذوها فإنه يجوز لهم قسمها