للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا بالذبح وهو المشهور في المذهب. انتهى. لكن هذا باعتبار الوجوب الذي يلغى طرو العيب بعده كما ذكره ابن رشد وابن عبد السلام، فإذا نذرها ثم أصابها عيب قبل الذبح فإنها لا تجزئ؛ لأن تعيين المكلف والتزامه لا يرفع ما طلب منه الشارع فعله يوم الأضحى من ذبح شاة سليمة من العيوب، وليس المراد عدم وجوب الضحية بالنذر مطلقا، بل نذرها يوجب ذبحها، ويمنع بيعها وبدلها، فكان على المؤلف إسقاط النذر، ويقتصر على وجوبها بالذبح كما فعل غيره؛ لأن كلامه في الوجوب المانع طرو العيب. وقد علمت ما في النذر، وكأنه غره ما في التوضيح عن الذخيرة: المشهور تجب بالنذر والذبح، مع أن كلام الذخيرة يحمل على الوجوب الذي يمنع البيع لا طرو العيب.

واعلم أن كلام التوضيح وتبعه التتائي يقتضي أن لفظ أوجبتها ليس بنذر، وفيه نظر، بل هو نذر كما يفيده كلام ابن عبد السلام، (١) ولأن النذر ليست له صورة محصورة. وبما تقدم علم أن قول الحطاب: فلو نذرها ثم تعيبت قبل الذبح لم أر فيه نصا قصور، وقوله: الذي يظهر أنها تجزئ غير ظاهر، وكأنه -والله أعلم- فهم أن قوله: أو جبتها ليس بنذر، فلذا قال ما قال، وقد علمت ما فيه. انتهى. قاله الشيخ محمد بن الحسن.

الثاني: الذبح، وإليه أشار بقوله: والذبح، الواو بمعنى: أو؛ يعني أن الضحية إنما تجب بالنذر أو الذبح، ومعنى وجوبها بالذبح وجوب أحكامها بالذبح، فيحرم بيعها وإجارتها وإبدالها، وقد مر ما في وجوبها بالنذر وأنها لا تجب به بالنسبة لطرو العيب، وأنها إنما تجب بالذبح فقط، فلا تجزئ إن تعيبت قبله؛ يعني أنها لما كانت لا تجب إلا بالنذر أو الذبح لا تجزئ من ضحى وهي معيبة قبله أي الذبح أو النذر، أما الذبح فواضح أنها لا تجزئ إن تعيبت قبله، وأنها تجزئ إن تعيبت بعده، وأما النذر فمقتضى كلامه أنها إن تعيبت بعده وقبل الذبح أجزأت وفيه نظر، وقد مر أنها لا تجزئ إن تعيبت بعد النذر وقبل الذبح بما فيه كفاية. فراجعه إن شئت.


(١) في نسخة (ك): ابن عبد السلام لأن الخ.