للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصل في التوحش ترجع إليه أي لشبهها ببقر الوحش، وألزمه اللخمي الإطلاق في الشارد بحثا مع أنه -أي اللخمي- لم يقل بذلك. قاله العلامة البناني. ولأبي زيد المكودي رحمه الله:

وأنت يا نفس شغلت بالهوى … حتى وقعت منه في قعر هوى

ويقال: ردى فلان في البئر: سقط كتردى ورداه غيره، وما تقدم من حمل المص على النعم هو تقرير له بحسب ظاهره، والصواب أن يحمل المص على الحيوان مطلقا وحشا كان أو نعما، ففي المواق عن ابن المواز وأصبغ: ما اضطره الجارح لحفرة لا خروج له منها أو انكسر رجله فكنعم. انتهى. وقال ابن عرفة: وما عجز عنه في مهواة جاز فيه ما أمكن من ذبح ونحر، فإن تعذرا فالمشهور أنه لا يحل بطعنه في غير محلها. انتهى. قاله الشيخ محمد بن الحسن البناني. وفي كتاب الشيخ الأمير: لا إنسيا توحش كالمتردي بحفرة ولو وحشيا لأنه ليس صيدا حينئذ، نعم ينحرما لا يمكن ذبحه. انتهى.

ولما أنهى الكلام على الصائد والصيد أتبعه بالكلام على الصيد به، فقال: بسلاح على -السلاح آلة الحرب، وتسلح لبس السلاح، والمراد بالسلاح هنا شيء مَّا يعني أنه لابد في إباحة الصيد من أن يكون جَرْحه بشيء محدد أي له حد حديدا أو غيره، ويندب الحديد كما يأتي، والمحدد بدال مهملة مفتوحة مشددة، فإن كان لشيء حد وعرض أكل إن علمت إصابته للصيد بحده، وفي مسلم أن عدي بن حاتم رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن العراض، فقال: (إن أصاب بحده فكل وإن أصابه برضه فلا تأكل فإنه وقيذ (١)). انتهى. والعراض عصاة في طرفها حديدة، وقيل: عود رقيق الطرفين غليظ الوسط، فإن لم يكن السلاح له حد فلا كالعصا والبندق إلا أن يدرك ذكاته وهو غير منفوذ القاتل، وعند الحنفية: يؤكل إن أدرك حيا وذكِّيَ ولو منفوذ جميع المقاتل، ولا خلاف بيننا وبينهم في أن ما مات به لا يؤكل. فالأقسام ثلاثة.

القرافي: ظاهر مذهبنا ومذهب الشافعي تحريم الرمي بالبندق وبكل ما شأنه أن لا يجرح، لنهيه عليه السلام عن الخذف، وقال: (إنه لا يصاد به الصيد ولا ينكأ به العدو وإنما يفقأ المعين


(١) البخاري، كتاب البيوع، الحديث: ٢٠٥٤، ومسلم، كتاب الصيد، الحديث: ١٩٢٩ ولفظه: إذا أصاب بحده فكل وإذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل.