للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا نعم شرد؛ يعني أن النعم وهو: الإبل والبقر والغنم ومثله الوحشي الذي تأنس ولم يتوحش لا يؤكل شيء منه بالعقر الذي يؤكل به الوحشي، أما الإبل والغنم فلا خلاف أنهما إذا ندا لا يؤكلان بالعقر، وأما البقر فكذلك على المشهور خلافا لابن حبيب، وأما ما ورد في مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: (إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فإذا غلب عليكم منها شيء فاصنعوا به هكذا (١)) فليس فيه دلالة على جواز الأكل بالعقر، وذلك لأن الرجل الذي رمى البعير بالسهم لم يقتله وإنما حبسه، فأمر عليه الصلاة والسلام أن يصنع بما ند من الإبل كذلك. قاله الشارح.

وقد علم مما مر أن المراد بالنعم ما قابل الوحشي، فلو أبدله بإنسي لكان أشمل، وإذا ند حمام البيوت والإوز أكل بالعقر كالصيد؛ إذ له أصل في التوحش. نقله الشيخ محمد بن الحسن بناني. وقوله: "لا نعم"؛ أي لا جرح نعم، والمصدر المحذوف مضاف إلى مفعوله، وقوله: "نعم": يصح جره عطفا على "مسلم"، فهو من عطف المصدر المضاف لمفعوله على المصدر المضاف لفاعله وهو جائز وإن كان قليلا، ويصح رفعه عطفا على "جرح" بعد حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، ونصبه عطفا على "وحشيا"، وترك الألف في الرسم على لغة ربيعة فإنهم يقفون على النون المنصوب بحذف الألف. قاله الخرشي.

وعلم من المص أن الوحشي الأصلي على ثلاثة أقسام: وحشي دائما، وحشي تأنس ثم توحش يؤكلان بالعقر، وحشي تأنس ولم يتوحش لا يؤكل بالعقر، وعلم منه أيضا أن الإنسي الأصلي على ثلاثة أقسام أيضا: إنسي دائما، إنسي توحش ثم تأنس، إنسي توحش دائما لا يؤكل كل منها بالعقر، ومنه الجاموس المتوحش ببلاد البر فلا يؤكل بالعقر؛ لأن التوحش طارئ عليه. قاله الشيخ عبد الباقي. والفرق بين المتوحش من النعم دائما والمتأنس من الوحشي دائما حيث لم يؤكل بالعقر أنا راعينا الأصل في كل؛ لأن الأصل في كل حيوان الذبح والنحر، وإنما رخص الاكتفاء بالعقر في الوحش المعجوز عنه للضرورة.

أو تردى بكهوة؛ يعني أن النعم المتردي أي الساقط بكهوة بضم الهاء وتشديد الواو أي حفرة لا يؤكل بالعقر، خلافا لابن حبيب في النعم المتردي مطلقا وفي البقر الشارد، قال: لأن البقر لها


(١) مسلم، كتاب الصيد والذبائح، رقم الحديث ١٩٦٨، بدون لفظ: "عليكم".