للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ذلك فروع المذهب، قال ابن عبد السلام: والعفو لا تلزم إزالته فإن أزيل وبقي طعمه أو غيره عفي عنه؛ إذ العفو عن الكل يستلزم العفو عن الجزء، وفي العارضة أن من دمي فمه ثم مج ريقه حتى ذهب الصحيح طهارته بالماء إن كان كثيرا، وإن كان يسيرا عفيَ عنه ولا يطهر الريق شيئا. وذكر البرزلي في مصل أخذ نخامة بكمه ثم وجد فيها دما: لا إعادة عليه ليسارته ولو عرق من المستجمر موضع الاستجمار فانتشر حتى أصاب الثوب والجسد كان معفوا عن ذلك على الأصح، وقد قالوا في يسير الدم إن الأظهر أنه كالمائع الطاهر والله تعالى أعلم.

وبول فرس لغاز بأرض حرب يعني أن الغازي إذا كان بأرض الحرب فإنه يعفى له عما يصيب ثوبه وبدنه من بول الفرس، وحاصل ما للحطاب على المص هنا أنه أتى بثلاثة قيود: كون البول من فرس. وكونه لغاز، وكونه بأرض الحرب. وبقي عليه قيد رابع وهوأن لا يجد من يمسد له، ثم قال بعد هذا. والمفهوم من الرواية وكلام ابن رشد والباجي وسند أن الضرورة متحققة مع القيود الأربعة، فلذا جزم المص بالعفو حينئذ فإن فقد شيء من القيود أمر بالتوقي جهده فما أصابه بعد ذلك فمعفو عنه كثوب المرضع انتهى. وجعل الشيخ عبد الباقي الروث كالبول وناقشه الشيخ محمد بن الحسن في ذلك فقال: لم أر من نص عليه، والذي في كلامهم هو التعبير بالبول كعبارة المص فانظر ما مستنده في الروث انتهى. وتابعه الشيخ الأمير على ذلك فإنه قال عاطفا على ما عفى عنه: وكنجاسة دواب لمعاينها إن اجتهد. أو كانت بولا لغاز بأرض حرب انتهى. فتحصل أنه متى وجدت القيود الأربعة عفي عن غسل بول الفرس مطلقا، ومتى اختل قيد منها بأن كانت الدابة بغلا أو حمارا أو فرسا لغير غاز من مسافر، أو حاضر محتاج لملابسة الدواب، أو لغاز بأرض الإسلام فلابد في العفو من الاجتهاد كالمرضع، وحاصل هذا الحاصل أن كل من لابس الدواب لحاجته ولم يكن غازيا بأرض حرب يعفى عما أصابه من رجيع الدواب مع التحفظ، والغازي المذكور معفو عما أصابه مطلقا، وقوله: "وبول فرس" لخ سواء كان البول قليلا أو كثيرا وأثر ذباب من عذرة يعني أن ما يصيب بدن الشخص أو ثوبه من أثر فم الذباب أو رجله من العذرة وأولى من البول معفو عن غسله، قال الحطاب: لا مفهوم للتقييد بالعذرة، وكأنه قصد التنبيه على أنه إذا عفي عن العذرة مع إمكان ظهور ما أصاب منها فغيرها مما لا يظهر أثره