الأجهوري: وانظر هل يحصل لهم ثواب المبيت كما ذكروه في الجمع الصوري للمريض ونحوه من حصول فضيلة أول الوقت له دون الصحيح أو لا؟ انتهى. قلت: قوله: ثواب المبيت؛ أي زيادة على ثواب الرخصة. انتهى.
قال مقيد هذا الشرح عفا الله تعالى عنه: انظر هذا التنظير، فإن الضَّعَفَة فعلوا ما هو مشروع في حقهم وهو الأفضل لهم، فكيف يكون لهم ثواب ما هو مرجوح في حقهم؟ وإن كان مراده ثواب المبيت الحاصل لغيرهم. والله سبحانه أعلم. وكما رخص للضعفة في التقديم، رخص لهم في تأخرهم عن الإمام أيضا كما مر، فلو قال المصنف: وتقديم الضعفة أو تأخرهم من المزدافة لكان أحسن وأشمل. انتهى.
وقد مر أن من أتى منى بالليل يؤخر رميه للفجر، وقوله:"في الرد"، سماه ردا لمروره الأول يوم التاسع بالمزدلفة، ولا يصح حمل كلام المصنف على ظاهره من أن الرخصة في المتقدم من عرفة للمزدلفة، ولئن سلم على ظاهره فلا بد من تقييده بإدراك جزء من الليل، فقد ورد ذلك أيضا إلا أنه غير معروف عند أهل المذهب.
وترك التحصيب لغير مقتدي به؛ يعني أنه يرخص في ترك النزول بالمحصب ليلة الرابع عشر لغير مقتدى به، والمحصب ما بين الجبلين للمقبرة؛ أي منتهيا لها سمي بذلك لكثرة الحصباء به، والأبطح منه حيث القبرة التي بأعلى مكة تحت عقبة كداء بالفتح والد، سمي بذلك لانبطاحه. قاله الشبراخيتي. ومفهوم قوله:"لغير مقتدى به"، أن المقتدى به لا يرخص له في ترك النزول بالمحصب لإحياء السنة إلا أن يكون متعجلا أو يوافق نفره يوم الجمعة، فقال مالك: لا أحب للإمام أن يقيم بالمحصب وليدخل مكة ليصلي الجمعة بأهل مكة. قاله الشبراخيتي. وسيأتي للمصنف أنه يستحب تحصيب الراجع أي نزوله بالمحصب، فالرخصة هنا خلاف الأولى، والتي قبلها مندوبة، والتي قبل ذلك جائزة، وفي الخرشي: والمحصب بضم الميم ثم حاء مهملة مفتوحة ثم صاد مشددة مفتوحة ثم باء موحدة: اسم لمكان متسع بين مكة ومنى، قال صاحب المطالع: هو أقرب إلى منى وهو الأبطح والبطحاء وخيف، والمحصب أيضا موضع الجمار من منى، وليس هو المراد هنا، وإنما كان النزول بالمحصب مشروعا (لنزوله صلى الله عليه وسلم