طواف القدوم، فإن لم يكن قدم السعي فلا يحل ما بقي إلا بفعله وفعل الإفاضة، وقد تم حجه، وتركه المصنف لظهوره، وأتى بقوله: إن حلق ليفيد أنه لم يجعل الترتيب فيما مر واجبا، فلو لم ينبه هنا على أن التحلل يتوقف على تقدم الحلق، لشمل تأخره عن الإفاضة، ولهذا قال: وإن وطئ قبله فدم، الضمير في قبله يرجع للحلق، والمعنى أنه إذا طاف للإفاضة ولم يكن حلق لا يحل له وطء النساء، فإذا وطيء قبل الحلق فإنه يجب عليه الدم.
وقد مر أن تقديم الرمي على طواف الإفاضة واجب ينجبر بالدم، كتأخير الحلق عن الرمي، وأن تأخير الذبح عن الرمي مستحب كتأخير الحلق عن الذبح، وكذا تأخير الإفاضة عن الذبح. والله سبحانه أعلم. ويأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
بخلاف الصيد؛ يعني أن من طاف للإفاضة ولم يكن حلق؛ إذا صار في غير الحرم فإنه لا جب عليه الجزاء لخفة الصيد عن الوطء، وأولى الطيب من الصيد في كونه لا دم فيه، ولو وطئ قبل السعي فإنه يهدي أو صاد فعليه الجزاء، وإنما افترق الصيد من الوطء لشدة الوطء، فإن الوطء يفسد الحج والصيد لا يفسده، وقوله:"بخلاف الصيد"؛ أي في غير الحرم كما مر، ويجوز له ابتداء ويوكل، وقد تقدم أنه يدخل وقت طواف الإفاضة بالفجر من يوم النحر،
ثم شبه في لزوم الدم مسائل، فقال: كتأخير الحلق لبلده؛ يعني أن من أخر الحلق عن وقته عامدا أو جاهلا أو ناسيا حتى رجع لبلده يجب عليه الدم، وقوله:"لبلده"، ولو قرب البلد، ولو فعله بذي الحجة، ومثل تأخيره لبلده تأخيره طويلا، قال عبد الباقي: بأن يحلق بعد أيام منى الثلاثة كما تفيده المدونة كما في الأجهوري. انتهى. ونحوه للأمير، قوله: بأن يحلق بعد أيام منى. الخ. قال محمد بن الحسن: فيه نظر، بل المدونة تفيد خلافه، ونص التهذيب: والحلاق يوم النحر بمنى أحب إلي وأفضل، وإن حلق بمكة أيام التشريق أو بعدها، أو حلق في الحل في أيام منى فلا شيء عليه، وإن أخر الحلاق إلى بلده جاهلا أو ناسيا حلق أو قصر وأهدى. انتهى. التونسي: قوله: إن أخر ذلك إلى بلده فعليه دم، يريد: أو طال ذلك، وقيل: إن خرجت أيام منى ولم يحلق فعليه دم. قاله في التوضيح. فعلم أن قوله: وقيل إن خرجت الخ. مقابل لمذهب