رأسه بالتقصير كما في الحلاق، فيبلغ بتقصيره إلى عظمي الصدغين منتهى طرفي اللحية كما في الحطاب، وقد مر أنه إنما تعين الحلق في حق هؤلاء للسنة، وفي قول المصنف "مجزئ"، إشعار بأن الحلاق أفضل من التقصير وهو كذلك كما عرفت، لخبر:(اللهم ارحم المحلقين، قالوا: والمقصرين؟ قال: اللهم ارحم المحلقين، ثم قال في الرابعة: والمقصرين (١)).
وقد مر أن العلة في وجوب الحلق على الملبد ومن معه إنما هي السنة، ولا يعلل بعدم إمكان التقصير لأنه يمكن أن يغسله ثم يقصر، ويوضح لك ذلكَ أن المرأة ليس عليها إلا التقصير ولو لبدت. الباجي: بعد زوال تلبيدها، والتلبيد أن يجعل الصمغ في الغاسول ثم يلطخ به رأسه عند الإحرام، وقد تقدم أن التقصير للمتمتع أفضل، وهو مقيد كما مر بأن يقع الحج عقب العمرة وإلا فالحلق أفضل كما مر في الرواية: بل يحلق إلا أن تكون أيام الموسم، وتقارب الحج مثل الأيام اليسيرة، فلا أرى أن يحلق ويقصر أحب إلي. انتهى. قوله في الرواية: أيام الموسم، قال الإمام الحطاب: وهي في العرف من أوائل ذي الحجة. والله أعلم. انتهى.
وقال ابن عرفة: سمع ابن القاسم: حلق المعتمر أفضل من تقصيره إلا أن يعقبه الحج بيسيرِ أيامٍ فتقصيره أحب إلي. انتهى. والمراد -والله أعلم- أن يعقبه حلق الحج بدليل التعليل ببقاء الشعث. قاله محمد بن الحسن.
وهو سنة المرأة؛ يعني أن التقصير هو سنة المرأة أي الطريق فيها؛ أي ليس لها إلا هو لا أنه في حقها سنة ولها أن تفعل غيره، وقوله:"المرأة"؛ أي الأنثى ولو صغيرة، كبنت تسع فما فوق كما في التتائي عن اللخمي، وقال أيضا: ولم يعلم من كلام المصنف حكم مخالفتها سنتها، وفيه قولان بالمنع والكراهة. اللخمي: لا يجوز لها أن تحلق لأنه مثلة إلا إن كان برأسها أذى. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: وقوله: "المرأة"؛ أي الأنثى ما لم تصغر جدا، ولذا قال التتائني: ولو بنت تسع فما فوق، وقوله:"سنة المرأة"؛ أي ولو لبدت. الباجي: بعد زوال تلبيدها بامتشاطها. انتهى. وقال الحطاب: قال في التوضيح: ويكره لها الحلاق، هكذا حكى البلنسي في شرح الرسالة، وحكى اللخمي أن الحلق للمرأة ممنوع لأنه مثلة لها، أما الصغيرة فيجوز فيها
(١) البخاري، كتاب الحج، رقم الحديث: ١٧٢٧. مسلم، كتاب الحج، رقم الحديث: ١٣٠١.