قال: والظاهر أنه في الثاني؛ يعني فيما إذا منعه من فعل ما نذره بإذنه عليه بدل ما منعه منه، ولو كان معينا، ولا يجري فيه الخلاف الجاري في الأول، وهو ما إذا نذره بغير إذن سيده وكان معينا من أنه هل عليه بدله، وهو ظاهر قول ابن القاسم، أو ليس عليه بدل، وهو ظاهر قول سحنون؛ وهو المذهب كما يفيده كلام أبي الحسن؟ وعليه اقتصر ابن عبدوس. انتهى. وقد مر بحث بناني في كونه المعتمد، ومر تصويبه لهذا التفصيل. والله تعالى أعلم.
ولا يمنع المكاتب لسيده؛ يعني أن المكاتب لا يجوز لسيده أن يمنعه من يسير الاعتكاف، وهو ما لا يحصل به عجز عن نجوم الكتابة، وينبغي أن بقية الصوم وبقية العبادة كذلك مما لا ضرر فيه على سيده في عمله ووفاء نجومه، ويمنع من كثير يضر بذلك، فلوأخرجه الحاكم من معتكفه عند حلول أجل الكتابة وعجزه فلسيده منعه من الاعتكاف، ويبقى دينا في ذمته، فإن اعتكف بإذنه لم يكن له إخراجه، ومَنْ بَعْضُهُ حر يعتكف يوم ملكه نفسه إن كان بينه وبين مالك بعضه مهايأة، وإلا لم يعتكف إلا بإذنه. قاله عبد الباقي. وفي الخرشي عند قوله:"ولا يمنع مكاتب يسيره": ومثله المرأة: وهو غير صحيح، لقوله:"وإن أذن لعبد" لخ، ولقوله فيما مر: ولا يقضى على زوجها به لأنه إذا كان له منعها من المسجد لصلاة واحدة فأحرى للاعتكاف. قاله محمد بن الحسن.
ولزم يوم إن نذر ليلة؛ يعني أن من نذر أن يعتكف ليلة، يلزمه أن يعتكف يوما وليلة وكذا العكس، وإنما نبه على نذر الليلة ردا على من يقول: لا يلزمه شيء لأنه نذر ما لا يصح فيه صوم، قال في المدونة: ومن نذر اعتكاف يوم أو ليلة لزمه يوم وليلة، قال ابن يونس: قال سحنون: فأما إن نذر اعتكاف يوم فيلزمه يوم ويدخل اعتكافه عند غروب الشمس من ليلته، وإن دخل فيه قبل الفجر فاعتكف يومه لم يجزه. ابن يونس: لأنه نذر اعتكاف يوم، فيلزمه يوم تام وذلك يوم وليلة، وأما إن نوى اعتكاف يوم فدخل فيه قبل طلوع الفجر أجزأه. انتهى. قاله الحطاب.
وفي الطراز: فإن اعتكف من نذر اعتكاف يوم من قبل طلوع الفجر، فهل يجزئه أولا يجزئه؟
الأول: -وهو الإجزاء- اختاره القاضي ونحوه لمالك في المبسوط، والثاني: -وهو عدم الإجزاء-