لوداع أو رحمة. وإن لحائض، مبالغة في المفهوم واللام لام الملابسة؛ يعني أنه إذا فعل بالحائض المعتكفة شيء مما تقدم من قبلة شهوة ولمس شهوة ومباشرة شهوة فإنه يبطل اعتكافها، قال الشبراخيتي: ثم إن "اللام" في "لحائض"، لام الملابسة فاعلا كانت أو مفعولا. انتهى.
والحاصل أن الوطء يبطل الاعتكاف، ويجب استينافه، سواء كان المعتكف رجلا أو امرأة، فتستأنف هي ويستأنف هو، حصل الوطء ليلا أو نهارا، كان عن اختيار أو إكراه، وقع في نوم أو يقظة، كان مباحا أم لا، وقع عمدا أو سهوا، وكذلك مقدمات الوطء من قبلة شهوة، أو لمس شهوة، أو مباشرة شهوة، كانت ليلا أو نهارا إلى آخر ما مر في الوطء من غير فرق، فتستأنف هي ويستأنف هو: وسيأتي أن المعتكفة إذا حاضت تخرج من المسجد وعليها حرمة الاعتكاف، فإذا حصل لها شيء مما مر فإنه يبطل اعتكافها، ويجب عليها أن تستأنفه. ناسيةٍ، بالجر صفة لحائض؛ يعني أنه إذا حصل من الحائض المعتكفة أو فيها شيء مما مر وهي ناسية لاعتكافها، فإنه يبطل اعتكافها، ويجب عليها أن تستأنفه، قال الشبراخيتي: وقوله: "ناسية"، لا يعين أنها فاعل لإمكان كون المقبل أو اللامس أو المباشر لها غيرها، وهي ناسية، وإنما بالغ عليها حينئذ ليلا يتوهم أنها لما كانت ناسية كانت معذورة لأن الفرض أنها التذت. انتهى. وقوله:"ناسية". مفهومه أحروي كما نص عليه غير واحد، وقوله:"وإن لحائض" لخ، مثل الحائض المريض وغيره من أرباب الأعذار المانعة من الصوم والاعتكاف كما يأتي.
تنبيه: اعلم أن قوله: "ناسية"، إنما يحسن رجوعه للحائض المعتكفة، كما هو ظاهر، وأما إذا كان المعتكف هو الرجل فلا تظهر فائدة بين كونها ناسية وغير ناسية. والله سبحانه أعلم. وقوله:"وإن لحائض"، قال الشارح عقبه: يريد أو مريض وهو مذهب المدونة والرسالة وغيرهما. انتهى. وإن أذن لعبد؛ يعني أن السيد إذا أذن لعبده الذي تضر عبادته بعملة في نذر الاعتكاف فنذره، فليس له أن يمنعه من الوفاء به، ومعنى تضر عبادته بعمله: تضر بخراجه، بأن لا يؤدي خراجه إن كان من عبيد الخراج أو بخدمته إن كان من عبيد الخدمة، ولا مفهوم للاعتكاف عن غيره من العبادات، فلو أذن له في صيام أو إحرام في زمن معين فنذر ذلك، فليس له أن يمنعه من الوفاء به.