وسواء في ذلك ابتدأ في القضاء بالهلال أو بغيره، وروى ابن وهب أنه إن ابتدأ في القضاء بالهلال أجزأه ذلك، سواء وافقت أيامه عدد رمضان الذي أفطره أو كان عدد القضاء أنقص، ويجب التكميل إن كانت أيام شهر القضاء أكثر. نقله الحطاب.
والمشهور أن قضاء رمضان لا يجب على الفور، وفي الذخيرة: يجوز تأخيره إلى شعبان، ويحرم بعده، وقيل: يجب على الفور، وحكى ابن بشير الاتفاق على أنه لا يجب على الفور وكذا ابن الحاجب وابن ناجي في شرح المدونة، وحصل ابن عرفة في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أنه على الفور، الثاني: أنه على التراخي لبقاء قدره قبل تاليه بشرط السلامة. الثَّالِثُ: أنه على التراخي حتى يبقى قدر ما عليه من الأيام من شعبان مطلقا. قاله الحطاب. ويشهد للقول بأن وجوب قضاء رمضان ليس على الفور قول عائشة رضي الله تعالى عنها:(يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، للشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم (١))، قال في الإكمال: فيه حجة على أن قضاء رمضان ليس واجبا على الفور، خلافا لداوود في إيجابه من ثاني شوال، وأنه آثم متى لم يُتِمَّهُ، فإذا لم يكن على الفور فوقته موسع مقيد ببقية السنة ما لم يدخل رمضان آخر لكن الاستحباب المبادرة. قاله الحطاب. وقوله:"والقضاء بالعدد"، هذا أعم مما مر من قوله: "وأجزأ ما بعده بالعدد؛ لأن ذلك خاص بمسألة الالتباس. ذكره دفعا لما يتوهم من إجزائه، وإن كان أقل عددا من رمضان لعذره وهذا عام في مسألة الالتباس وغيرها. والله سبحانه أعلم.
وتحصل مما مر أن قضاء رمضان كلا أو بعضا يجب على التراخي، فهو موسع فيه حتى لا يبقى من السنة إلا قدر ما يسعه قبل رمضان. والله سبحانه أعلم. بزمن أبيح صومه؛ يعني أنه يشترط في قضاء رمضان أن يكون في زمن يباح فيه الصوم، فلا يصح في الأيام المنهي عن صومها كيوم العيد، وتاليي النحر، ولا فيما كره صومه كرابع النحر على المشهور، قال محمد بن الحسن: لا يصح صومه أي رابع النحر قضاء كما في المواق عن المدونة، وشهره في التوضيح والشامل، وصححه ابن بشير كما في الحطاب، وفي الأيام المعدودات أي الثلاثة بعد يوم النحر، ثلاثةٌ: المشهور هو ما قدمته من عدم الإجزاء، وقيل بالإجزاء، وقيل يجزئ الثالث. غير رمضان، يعني
(١) مسلم، كتاب الصيام، الحديث: ١١٤٦. ولفظه: … الشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم.