للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلاف فتعطى له على المشهور، وهو قول المصنف: "وقادر على الكسب"، ومقابله: لا تعطى له. وفي الحطاب أن مقابل المشهور ليحيى بن عمر، وعلم من هذا أن محل الخلاف في القادر على الكسب الذي له صنعة غير كاسدة، وأما العاجز ومن لا صنعة له أو كسدت فيعطاها باتفاق، وقال الأمير: ومصرفها فقير ومسكين وإن قدرا على الكفاية بصنعة لم يشتغلا بها؛ وهو قول الأصل: "وقادر على الكسب"، وقال الشيخ إبراهيم عند قول المصنف "وقادر على الكسب": بصنعة أو غيرها مع تركها اختيارا، كما يدل عليه كلام الحطاب، وهذ! حيث كان التارك لها اختيارا عليه في فعلها كلفة كما يفيده كلام المواق. انتهى. ابن الحاجب: وفي اشتراط عجز التكسب قولان، قال في التوضيح: المشهور أنه لا يشترط، واشترطه يحيى بن عمر وهو أظهر، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ (١)). انتهى.

والحاصل: أن الصحيح على خمسة أقسام: أحدها أن يكون له قدرة على الكسب بصنعة مثلا واستعملها وفيها كفاية له ولعياله، فهذا هو ومن عنده ما يكفيه من المال سواء في الحكم فلا تعطى لهما الزكاة، ثانيها أن يستعمل صنعته ولم يكن فيها ما يكفيه فيعطى لتمام كفايته، ثالثها أن تكسد صنعته فهو كالزمن، رابعها أن لا تكون له صنعة فإنه يعطى كالذي قبله، خامسها أن تكون له قدرة على التكسب بصنعة مثلا وترك ذلك اختيارا مع أنه يجد ما يَحْتَرِفُ لو تكلف، وهذه هي محل الخلاف، والمشهور أنه يعطى كما علمت. وقال يحيى بن عمر: لا يعطى، قال اللخمي: يجوز الأخذ بالقرآن ويمنع بالسنة.

ومالك نصاب؛ يعني أنه يجوز دفع الزكاة لمالك نصاب أو أكثر حيث كان ما ذكر لا يكفيه، وهذا هو المشهور. قاله في التوضيح، فإن من الناس من لا يكفيه ذلك لكثرة عياله، ومنهم من يكفيه لعدم ذلك فيه، وقيل: لا يعطى لمالك نصاب؛ لأنه قال: تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، فجعل مالك النصاب غنيا، رواه المغيرة عن مالك. وروي عن مالك أنه يجوز إعطاء من له أربعون درهما، وقال عمر بن عبد العزيز: لا بأس أن يعطى من له الدار والخادم والفرس، والظاهر أنه يجوز الإعطاء للفقيه الذي عنده كتب، قياسا على قول عمر، وقاله أبو الحسن


(١) أبو داود، كتاب الزكاة، الحديث ١٦٣٤. الترمذي، كتاب الزكاة، الحديث ٦٥٢.