لمعين مسلم أو عنوي، فما بعد المبالغة محل الخلاف، وهي أن يكون المعدن بأرض مملوكة لمعين فالنظر فيها للإمام عند ابن القاسم، وقال سحنون: النظر فيها لمالك الأرض، ودخل في غير المملوكة لعين أرض الحرب فيقطعها الإمام لمن شاء بعد فتحها، أو بتقدير فتحها عنوة، وبهذا يسقط استشكال بعضهم تصوير المسألة بأنها إن بقيت في حكم أهل الحرب، فكيف يتصور نظر الإمام فيها؟ وإن زال حكمهم عنها، فإما بصلح فسيأتي، أو عنوة أو انجلاء أهلها عنها فلا يخرج عما سبق، وجوابه أنا نختار بقاءها في حكم ملكهم، ولا يمنع ذلك تصرف الإمام وإقطاعها بتقدير فتحها. قاله عبد الباقي وغيره.
وذكر في التوضيح عن ابن يونس أنه حكى الاتفاق على أن ما ظهر من المعادن في أرض الحرب التصرف فيه للإمام، وقد تقدم أن من الأرض غير المملوكة ما انجلى عنه أهله الكفار بغير قتال، وأما ما انجلى عنه أهله المسلمون فهو باق على ملكهم، انجلوا عنه بغير قتال أو به، وحيث قلنا بأن النظر في المعدن للإمام فإنه ينظر فيه بالأصلح، وإنما يُقطعه انتفاعا لا تمليكا، فلا يجوز أن يبيعه، ولا يورَثُ عنه.
واعلم أن إقطاع الإمام في الأراضي المذكورة لا يحتاج لحيازة على المشهور المعمول به، قال أبو علي: وهو ظاهر؛ لأن الإمام ليس بواهب حقيقة إنما هو نائب عن المسلمين وهم أحياء، ولذا قالوا لا ينعزل القاضي بموت الأمير، وبهذا يسقط البحث المتقدم بأرض الحرب، ولا يحتاج إلى جواب، وقيل: يحتاج الإقطاع لحيازة.
واعلم أن مواضع المعدن خمسة: أرض غير مملوكة لأحد كالفيافي وما انجلى عنه أهله من الكفار، وأرض مملوكة لغير معين كأرض العنوة، وأرض الحرب، وهذان قسمان مضافان للأرض غير المملوكة لأحد، وأرض مملوكة لعين، وأرض الصلح، فالثلاث الأول داخلة فيما قبل المبالغة، والرابعة المبالغ عليها هي محل الخلاف المتقدم، والخامسة هي التي استثناها المصنف بقوله: إلَّا مملوكة لمصالح فله، هذا مستثنى من قوله:"يزكى"، ومن قوله:"وحكمه للإمام"؛ يعني أن الأرض المملوكة للمصالحين معينين أو غيرهم لا يزكى معدنها؛ أي معدن عين فيها، كما أن الإمام ليس له النظر في معدنها، وإنما أمر معدنها لمالكها المصالح أو لوارثه، وقيل: النظر فيه