للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسن. وقال: تبع الزرقاني في أرجحية عدم تكرير الوضوء الأجهوري. قال أبو علي: ولم أر ذلك لغيره.

واعلم أنه لا ينتقض غسل الميتة بوطئها بعده، فلا يعاد. قوله: "وغسل كالجنابة"، وله الدلك هنا بخرقة يجعلها على يده كالدلك مباشرة، وقد فعل علي كذلك حين غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقوله: "غسل كالجنابة"، أفاد وجوب التعميم والدلك، وأنه يسن أن يبدأ بغسل يدي الميت أولا؛ ثم يزيل الأذى عن جسده إن كان عليه أذى، ثم يوضئه، ثم يثلث رأسه، ثم يفيض الماء على شقه الأيمن، ثم على الأيسر، كما مر ما يفيده.

وصرح في المدخل بأن فرائض غسل الجنابة وسننه وفضائله تأتي في هذا الباب. تعبدا؛ يعني أن غسل الميت غير معقول المعنى. فليس هو للنظافة، بل هو تعبد؛ بدليل تيممه عند عدم الماء، وقوله: "تعبدا"، مفعول لأجله أي غسل لأجل التعبد؛ أي امتثالا للأمر، مع أنا لم تظهر لنا حكمة الأمر به. وفي التوضيح: أن في الغسل فوائد منها: إكرام الملائكة؛ وتنبيه العبيد على أن المولى أكرمهم أحياء وأمواتا؛ وأن يعلموا أن من تأهب للقدوم على مولاه لم يقدم إلا طاهر القلب من المعاصي؛ متفرغا مما سوى الله تعالى؛ لأنه إذا اعتنى المولي بتطهير جسد يلقى في التراب، تهيأ العبد إلى تطهير ما هو باق؛ وهو النفس، فنسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من رعونات الشر، ويفرغها عن غيره: ويملأها من ذكره، ويقدمنا عليه وهو راض عنا. وقوله: "تعبدا"، وقيل: للنظافة، وعلى الأول لا يغسل المسلم الذمي، وعلى الثاني يغسله، والتعبد لمالك، والنظافة للشافعي؛ فإنه قال: لا بأس بغسل المسلم قرابته من المشركين ودفنهم، وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور: وسبب الخلاف هو ما علمت. بلانية؛ يعني أن غسل الميت لا يفتقر لنية، بل يصح بدرنها، وإن كان التعبد لا بد له من النية؛ لأن ذلك في التعبد في النفس، وأما التعبد في الغير فلا يحتاج للنية كغسل الإناء من ولوغ الكلب، والنضح للثوب، كما قاله الباجي وابن رشد وغيرهما، ونقله في التوضيح وغيره. وقوله: "بلا نية"، متعلق بقوله: "غسل"، والباء للمصاحبة. والله سبحانه أعلم.