الكراهة. ابن بشير: إن حكمنا بنجاسته، كره غسله بماء زمزم لكراهة استعماله في النجاسات، وعلى طهارته يجوز. ابن هارون: إلا أن يكون في جسده نجاسة.
وقد مر أن ابن شعبان قال: لا يغسل بماء زمزم ميت ولا نجاسة، إن حمل على الكراهة كان وفاقا للمذهب، وعلى ذلك حمله بعضهم كما في حاشية الشيخ محمد بن الحسن، وإن حمل على المنع فلا وجه له عند ملك وأصحابه، قاله ابن أبي زيد. وأغرب منه فتوى ابن عبد السلام: أنه لا يكفن في ثوب غسل بماء زمزم، وقال الشيخ الأمير: وغسل ولو بزمزم، بل هو أبوك والآدمي طاهر. انتهى.
وزمزم بزايين بينهما ميم ساكنة: بير في المسجد الحرام، سميت بذلك لكثرة مائها، يقال: ماء زمزم وزُمزُم وزُمازِم إذا كان كثيرا، وقيل: لضم هاجر عليها السلام لمائها حين فجرت وزمه إليها؛ وقيل: لزمزمة جبريل عليه السلام وكلامه.
والصلاة عليه؛ يعني أن شيوخ المذهب اختلفوا أيضا في حكم الصلاة على الميت، فمنهم من ذهب إلى وجوبها وجوب كفاية؛ وهو لسحنون، قال ابن ناجي: وعليه الأكثر، وشهره الفاكهاني، وإليه ذهب صاحب الرسالة، وعبد الوهاب. كدفنه، تشبيه في الوجوب فقط؛ يعني أن دفن الميت؛ أي مواراته في الأرض واجبة بلا خلاف؛ فلذا أتى بالكاف. وكفنه، عطف على مدخول الكاف قبله؛ يعني أن تكفين الميت واجب من غير خلاف أيضا، قاله اللخمي. وحكى ابن يونس سنية الكفن، ولم يحك خلافها فقوله:"كدفنه وكفنه"، بسكون الفاء فيهما أي مواراته في التراب وإدراجه في الكفن، وأما الكفن بفتح الفاء فهو ما يكفن به أي ما يوارى فيه من اللباس، يقال: كفن الخبز في الملة يكفنها واراها، والميت ألبسه الكفن ككفنه، قاله في القاموس، وليس بمراد هنا، وسيذكره المصنف بقوله:"وهو على المنفق بقرابة" الخ، وبقوله:"وهل الواجب ثوب يستره" الخ، قال الشيخ محمد بن الحسن: لا خلاف في وجوب ستر العورة، وما حكاه الشارح عن ابن يونس أنه سنة، يحمل على ما زاد على العورة؛ إذ لا خلاف في وجوب سترها.
وبما قررت علم أن قوله:"كدفنه وكفنه"، تشبيه في الوجوب فقط -كما مر- وسنيتهما؛ يعني أن من الشيوخ من ذهب إلى أن غسل الميت سنة وكذا الصلاة عليه؛ أي سنة كفاية فيهما. أما