للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التتائي في شرح الرسالة: وصرح في التلقين باستحباب التأخير: لخبر الدارقطني: (أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يفطر يوم النحر حتى يرجع ليأكل من كبد أضحيته (١))، وهل ذلك لأن الكبد أيسر من غيره؛ أي أسرع نضجا من غيره؟ أو تفاؤلا؟ لما (جاء أن أول ما يأكل أهل الجنة عند دخولها كبد الثور الذي عليه الأرض، فتذهب عنهم مرارة الموت). انتهى. وقوله: الثور. وكذا النون أي الحوت كما ذكره أبو الحسن في الحديث: (نزل أهل الجنة زيادة كبد النون (٢) والنزل بضم النون والزاي: ما يهيأ للنزيل، وفي التنزيل: {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ}، وقوله: "وتأخيره في النحر"، قال الشيخ عبد الباقي: وإن لم يُضَحِّ فيما يظهر حفظا لتأخير عليه الصلاة والسلام، وفي التيسير عن الترمذي عن بريدة رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي (٣)). وفي حاشية الشيخ بناني ما يفيد أن التأخير عن الصلاة مستحب، وأن تأخيره إلى كبد أضحيته مستحب ثان. والله سبحانه أعلم. وقد صرح هو بذلك عن ظاهر ما في المواق عن المازري.

والفرق بين الفطر والأضحى: أن الأول تقدمه صوم فشرع الأكل فيه قبل الغدو للمصلى لإظهار التمييز، قوله: "في الفطر" سبحان من بيده ملكوت كل شيء، فأوجب صوم يوم وحرم صوم يوم يليه.

وخروج بعد الشمس؛ يعني أنه يندب للمصلي في العيد أن يخرج لصلاة العيد بعد طلوع الشمس لمن قرب منزلة، وإلا فقبلها بقدر ما يكون وصوله المصلى قبل الإمام. قاله اللخمي. وأما الإمام، فالسنة أن يؤخر حتى ترتفع الشمس وتحل النافلة، وقبل ذلك قليلا إذا كان أرفق بالناس؛ لأن للمأمومين أن ينتظروه في المصلى، ولا ينبغي له هو أن ينتظر أحدا، بل إذا وصل


(١) سنن الدارقطنى، ج ٢ ص ٤٥.
(٢) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، رقم الحديث: ٣٣٢. و ٣٣٢٩. بلفظ: وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت.
(٣) التيسير، ج ٢ ص ٢٢١.