يجمع فيها فحتى اوز بساتينها ولا ينظر إلى مزارعها، ووجه رواية ابن القاسم أن موضع الاستيطان إنما هو البيوت فيجب أن يعتبرها في المقام، ويعتبر بالخروج عنها في السفر. ووجه الرواية الثانية أن هذا موضع يجب النزول منه إلى الجمعة فكان حكمه حكم الوطن، فاعتبار الثلاثة الأميال إنما هو في مصر الجمعة، واعتبار البساتين إنما هو في قرية لا جمعة فيها، خلاف ما تقدم عن بعض شراح الرسالة.
واعلم أن قول المدونة الذي وقع فيه التأويل هو قولها: قال مالك في رجل يريد سفرا إنه يتم حتى يبرز عن بيوت القرية فإن برز قصر الصلاة. وحكى المصنف أن فيها تأويلين، أحدهما أن المراد بالبروز الذي يقصر بعده هو مجاوزة البساتين المسكونة سواء كانت القرية قرية جمعة أم لا، والثاني أنها إن كانت قرية جمعة فلا تعتبر مجاوزة البساتين، وإنما المعتبر مجاوزة ثلاثة أميال، وإن لم تكن قرية جمعة فالمعتبر مجاوزة البساتين. والله تعالى أعلم. واعلم أنه على التأويل الأول الذي هو المشهور؟ أعني قوله:"إن عدا البلدي البساتين المسكونة"، فإنما تحسب الأربعة البرد بعد مجاوزة البساتين قطعا، وأما على أن المعتبر مجاوزة ثلاثة أميال بقرية الجمعة: فهل تحسب الأميال الثلاثة من البرد الأربعة؛ وهو ظاهر كلامهم واختاره البرزلي وغيره، أولا، وصوبه ابن ناجي، وصوب بعضهم ما لشيخه؛ يعني البرزلي. وبما تقدم علم أن المعتبر للأميال الثلاثة، لا يعتبر البساتين زادت على الأميال أو قصرت، خلاف ما للشيخ عبد الباقي من أنه: إذا زادت البساتين على الأميال فالمعتبر مجاوزة البساتين اتفاقا، وأن محل الخلاف إنما هو فيما إذا نقصت البساتين عن الأميال، فقد قال الشيخ بناني: إنه غير صحيح. والله سبحانه أعلم. وينبني على كلام الشيخ عبد الباقي ما ذكره بعد من أنه إن كان بالقرية بساتين مسكونة قدر الأميال أو أكثر لم تحسب الأميال من البرد الأربعة: وإن كانت البساتين أقل من ثلاثة أميال حسب ما زاد عليها من البرد الأربعة، وهذا إن فرعنا على التأويل الثاني في كلام المصنف، وأما إن فرعنا على الأول فقد تقدم أنه إنما تحسب المسافة بعد مجاوزة البساتين قطعا. والله سبحانه أعلم. واعلم أن من سافر في البحر فيه روايتان: إحداهما يقصر بمجاوزة بيوت القرية وتخليفها، والثانية إذا توارى عن البيوت. ومن سافر في البحر من وطنه سفرا تقصر فيه الصلاة، ثم أحرم بالصلاة،