للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كمال الدين (١) الهمام الحنفي في شرح الهداية، في باب النوافل: إن سنة الفجر أقوى السنن حتى روي عن أبي حنيفة: لو صلاها قاعدا من غير عذر لا يجوز. وقالوا: العالم إذا صار مرجعا للفتوى جاز له ترك سائر السنن لحاجة الناس إلا سنة الفجر؛ لأنها أقوى السنن. انتهى.

ووقته بعد عشاء صحيحة وشفق؛ يحطي أن وقت الوتر كالتراويح؛ أي وقته الاختياري أوله بعد صلاة العشاء الصحيحة الكائنة بعد مغيب الشفق فَفعْلُهُ ولو سهوا قبل العشاء الصحيحة أو بعدها، وقبل مغيب الشفق كالجمع ليلة المطر لَغْوٌ، ولو أوتر ثم ذكر ما يرتب صلَّاه وأعاد العشاء والوتر. وقيل: لا يعيد الوتر، وكذا من أعاد العشاء لصلاتها بنجاسة غير عالم بها، ومن أعاد العشاء بعد الوتر في الجماعة وكان قد صلاها مفردا، ففي إعادته للوتر قولان. كذا في الشبراخيتي، وعبد الباقي. إلا أن عبارة عبد الباقي: ثم اقتحم النهي وأعادها جماعة، ومن صلى العشاء بتيمم وعنده تقصير يقتضي الإعادة، أو صلاها منحرفا انحرافا يقتضي الإعادة، أو صلتها امرأة بادية المصدر والأطراف، أو بمعطن إبل، أو كنيسة ونحو ذلك وأعادها كل -كما هو ظاهر إطلاقهم- ولو بعد الوتر أعاد الوتر، ومن لا يقرأ يصلي الوتر مع إمام يقرأ، ويقدمه في مذهبه قبل شفق وبعد عشاء؛ لأن تأخيره للشفق أي لمغيبه مود لتركه أو الإتيان به بدون فاتحة، وينبغي أن يجري هذا في جمع التقديم أو التأخير، فيجمع من لا يقرأ مع إمام يقرأ، وإن كان من لا يقرأ ليس من أهل الجمع. قاله الشيخ عبد الباقي. للفجر؛ يعني أن وقت الوتر المختار مبدؤه بعد عشاء صحيحة واقعة بعد مغيب الشفق، ويمتد ذلك المختار إلى طلوع الفجر، فينتهي بمجرد طلوع الفجر وقته المختار. وعن خارجة بن حذافة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمدكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر، فجعلها الله في ما بين العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر (٢))، أخرجه أبو داوود، والترمذي. حمر النعم: خيار الإبل وأعلاها قيمة. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من


(١) في الحطاب ج ٢ ص ٣٤٠ ط دار الرضوان: كمال الدين بن الهمام.
(٢) التيسير، ج ٢ ص ٢١٥.