للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

داوود. وعن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتم كالصلاة المكتوبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن (١)). أخرجه أصحاب السنن. وعن محيريز: أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام يكنى أبا محمد، يقول: الوتر واجب، قال الكناني: فسألت عبادة بن الصامت رضي الله عنه، فقال: كذب أبو محمد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة (٢))، أخرجه الأربعة إلا الترمذي. أبو محمد هذا من الأنصار له صحبة، وقول عبادة فيه: كذب أبو محمد، أي أخطأ، ولا يجوز أن يكذب في شيء من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قاله في التيسير. ثم عيد؛ يعني أن العيد فطرا أو أضحى ورتبتهما واحدة، آكد مما بعده.

ثم كسوف؛ يعني أن صلاة كسوف الشمس آكد من صلاة الاستسقاء، وتقديم الكسوف على العيد عند اجتماعهما لا ينافي تأكد العيد عليه؛ لأنه إنما قدم خوف فوات سببه بخلاف العيد. ثم استسقاء؛ يعني أن الاستسقاء يلي الكسوف في التأكيد. ابن فرحون: مما ترد به الشهادة الداومة على ترك المندوبات المؤكدة، كالوتر، وركعتي الفجر، وتحية المسجد، وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد في تفسيق تارك الوتر، قال: لاستخفافه بالسنة ابن خويزمنداد: من استخف بالسنة فسق فإن تمالأ عليه أهل بلد حوربوا. وقال القرطبي في شرح مسلم: من ترك التطوعات ولم يعمل بشيء منها فقد فوت على نفسه ربحا عظيما وثوابا جسيما، ومن داوم على ترك شيء من السنن كان نقصا في دينه وقدحا في عدالته، فإن تركه تهاونا ورغبة كان ذلك فسقا يستحق به ذما. وقال علماؤنا: لو أن أهل بلدة تواطئوا على ترك سنة لقوتلوا عليها حتى يرجعوا. انتهى. وقوله: "ثم كسوف"؛ يعني به كسوف الشمس كما تقدمت الإشارة إليه. وفي الحطاب فائدة: قال الشيخ


(١) التيسير، ج ٧ ص ٢١٤.
(٢) التيسير، ج ٢ ص ٢١٤.