للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحمهما الله: رأيت والدي يستمع من وراء حائط لسماع كان عند جيراننا. وسمع من الصحابة عبد الله بن جعفر، وابن الزبير، والمغيرة بن شعبة، ومعاوية وغيرهم، وقد فعل ذلك كثير من السلف الصالح صحابي وتابعي وغيرهم. وقال ابن المبارك: السماع ينبت النفاق في القلب، وقال بعض السلف: السماع مرقاة الزنى، وقاك أبو الحسن رضي الله عنه: سألت أستاذي عن السماع، فأجابني بقوله تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} وقال ابن العربي: السماع في هذا الزمان لا يحل أن يقول به مسلم. وقال ابن العربي: السماع كله بطر، وقال الشيخ زروق بعد كلام: مع أنه لا نص من الشارع بجواز ولا منع عند توفر الشروط. ابن الفاكهاني: ليس في السماع نص بمنع ولا إباحة؛ يعني على الوجه الخاص، وإلا فقد صح في الولائم والأعياد ونحوها من الأفراح المشهورة، والاستعانة على الأشغال، فإذا المسألة جارية على حكم الأشياء قبل ورود الشرع فيها، قيل على الوقف فالسماع لا يقدم عليه، وقيل على الإباحة فالسماع مباح، وقيل على المنع فالسماع ممنوع. وقد اختلف الصوفية في الثلاثة الأقوال كاختلاف الفقهاء، وقال الشيخ زروق في شرح المباحث عند قول المتن.

وللأنام في السماع خوض … لكن لهذا الحزب فيه روض

قال العراقيون بالتحريم … قال الحجازيون بالتسليم

اختلف الناس فيه، فمن قائل بالإباحة بناء على أن الأصل الإباحة حتى يأتي المحرمُ، ومن قائل بالتحريم بناء على أن الأصل المنع حتى يأتي المبيح، ومن قائل بالوقف لتعارض الأدلة. والمراد بالعراقيين أصحاب الرأي من الحنفية وغيرهم، وبالحجازيين الشافعي ومالك، ويحتمل أن يريد بالتسليم الوقف، ويحتمل الإباحة، والظاهر أنهم لا يوجد لهم نص بمطلق الإباحة، ولكنها ظواهر بعضها من طريق القول وبعضها من طريق الفعل. وعند القرطبي: أن أصل مذهب مالك فيه المنع، وهو الأشبه بقواعد مذهبه إذ كان مبنيا على سد الذرائع. واعلم أن ما ينسبونه للنبي صلى الله عليه وسلم من التواجد عند إنشاد: