للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجع إليه مالك التكبير واختاره ابن يونس، ولهذا قال المصنف: ولو بغير صلاة. قاله الشارح وترك المصنف المتفق عليه من مواضع السجود لوضوحه، وبين المختلف فيه بقوله: وص أناب؛ يعني أن موضع السجود في سورة {ص} عند قول الله عز وجل: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}، وعند ابن وهب: {وَحُسْنَ مَآبٍ}، وأسقطها الشافعي من عدد السجدات وفصلت تعبدون؛ يعني أن موضع السجود في سورة فصلت عند قول الله عز وجل: {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، وعند ابن وهب {لَا يَسْأَمُونَ}، ولم ينبه على {الْعَظِيمِ} في النمل، وإن نقل ابن عبد السلام أن محلها منها: {وَمَا يُعْلِنُونَ} ولعله لتوهيمه، فقد قال ابن عرفة: وَنَقْلُ ابن عبد السلام محلها منها وما يعلنون وَهَم، ثم ذكر مكروهات لها تعلق بالباب وليست منه، فقال: وكره سجود شكر؛ يعني أنه يكره سجود شكر؛ أي لمسرة أو دفع مضرة هذا هو المشهور. وقال اللخمي: اختلف في سجود الشكر، فكرهه مالك مرة، وذكر ابن القصار رواية أنه: لا بأس به، وأخذ ابن حبيب به؛ وهو الصواب لحديث ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في سجدة سورة {ص} سجدها داوود توبة وأسجدها شكرا (١))، وحديث أبي بكرة قال (أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرٌ فسر به فخر ساجدا (٢)) ذكره الترمذي وحديث كعب بن مالك (لما بشر بتوبة الله سبحانه عليه، خر ساجدا (٣))، أخرجه البخاري. ووجه المشهور العمل، ولذا أنكر مالك قولهم: سجد أبو بكر يوم اليمامة حين بشر بقتل مسيلمة بكسر اللام، قائلا: ما سمعته قط وأراهم كذبوا عليه، وقد فتح الله على نبيه وعلى المسلمين، فما سمعت أن أحدا منهم سجد، ولو شرع لكان لأعظم نعمة؛ وهو الهداية للإيمان. وكما يكره السجود للشكر، تكره الصلاة له، وخبر: (يصبح على كل سلامى من الناس صدقة، إلى أن قال في آخره: ويجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى (٤)) لا يَرِدُ؛ لأنهما ضحى، وإجزاؤهما عن الصدقة فضل منه تعالى، وكونهما للشكر


(١) النسائي، كتاب الافتتاح، رقم الحديث: ٩٥٧. بلفظ: سجدها داود توبة ونسجدها شكرا.
(٢) الترمذي، كتاب السير، رقم الحديث: ١٥٧٨. بلفظ: فخر لله ساجدا.
(٣) البخاري، كتاب المغازي، رقم الحديث: ٤٤١٨.
(٤) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٧٢٠.