ليلة كذا فأنكرت نفسي تسمية الليلة، ثم خشيت أن يكون ما قاله إنما هو لا سمع منك، فجئت أسألك، فأنكر شيخنا على صاحبنا واعتذر للسائل عنه بما اشتهر من وسوسته، فلما انصرف السائل أقبل علينا جملة أهل الميعاد، فقال: هل يتخرج من المذهب اعتبار ذكر القلب يوم الصلاة عند النية؛ فلم يظهر لنا شيء، فأشار رحمه الله لما وقع من الاختلاف إلى (١) مراعاة الأيام. انتهى. وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة في أول صفة العمل في باب الصلاة المفروضة: المشهور عدم وجوب نية القضاء والأداء، وكذلك نية اليوم الذي هو فيه. انتهى.
واعلم أن ما فوق الواحد من الفوائت إما أن يكون معينا أم لا، وفي كل قسمان؛ لأن غير المعين إما أن يعلم نسبة كل واحد من الآخر أم لا، والمعين إما أن يعلم ترتيبه أم لا. القسم الثالث تركه المصنف لوضوحه، والثاني لم يذكره وسأبينه إن شاء الله تعالى، والقسمان الباقيان هما المذكوران في المتن، أحدهما قوله، وإن نسي صلاة وثانيتها صلى ستا؛ يعني أن من نسي صلاتين غير معينتين وهو يعلم نسبة كل واحدة منهما إلى الأخرى كما لو نسي صلاة وثانيتها؛ أي التي تليها، ولا يدري من ليل أو نهار أو منهما، ولا سبقية إحداهما، يصلي ست صلوات متوالية يختم بما بدأ به لاحتمال كونه المتروك مع ما قبله، والذمة تبرأ بخمس، ووجوب ختمه بما بدأ به لمراعاة مرجوح؛ وهو أن تارك ترتيب الفوائت يعيد أبدا، لا لأجل الترتيب لأنه إنما يطلب بعد براءة الذمة إن بقي الوقت، فما هنا مشهور مبني على ضعيف، وهذا يجري في جميع ما يأتي. وبيان ما قال المصنف أنه: يحتمل أن يكون عليه ظهر وعصر، أو عصر ومغرب، أو مغرب وعشاء، أو عنتاء وصبح، أو صبح وظهر. فإذا ختم بالذي بدأ به كأن يبدأ بالظهر ثم يأتي بالعصر، ثم بالمغرب، ثم بالعشاء، ثم بالصبح، ثم بالظهر الذي بدأ به، فإنه يحتاط بحالات الشك. ونبه بقوله:"وثانيتها" على سابعتها، وثانية عشرتها، ونحوهما من مماثل الثانية فالحكم في ذلك واحد، فيصلي ستا مرتبة، يبدأ بالظهر ندبا، ويختم به. والله سبحانه أعلم.
(١) في الحطاب ج ٢ ص ٢٠٨ ط دار الرضوان: الاختلاف في مراعاة.