وَلَنَا أَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْإِذْنُ مَا هُوَ الدَّاخِلُ تَحْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ الْعَمَلُ الْمُصْلِحُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَسِيلَةُ إلَى الْأَثَرِ وَهُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً، حَتَّى لَوْ حَصَلَ بِفِعْلِ الْغَيْرِ يَجِبُ الْأَجْرُ فَلَمْ يَكُنْ الْمُفْسِدُ مَأْذُونًا فِيهِ
تَبْطُلُ الْمُسَاوَاةُ، هَذَا هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ، إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلِ قَوْلَهُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْعَامَّةِ لِبَيَانِ مُنَاسَبَةِ التَّسْمِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ.
أَقُولُ: مَدَارُ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَرَأْيِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَى أَنْ تَكُونَ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ أَوْ أَثَرُهُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْعَامَّةِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، بَلْ عِبَارَتُهُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ هُوَ الْعَمَلَ أَوْ أَثَرَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْعَامَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْعَامَّةِ لَيْسَ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ بَلْ هُوَ جَزَاءٌ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَمَجْمُوعُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ دَاخِلٌ فِي التَّعْلِيلِ غَيْرُ مُتَحَمِّلٍ لِغَيْرِ بَيَانِ مُنَاسَبَةِ التَّسْمِيَةِ، فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مَا زَعَمَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ وَكَانَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ أَوْ أَثَرُهُ تَعْلِيلًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْقَائِلُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ لَمَا صَحَّ تَفْرِيعُ الْمُصَنِّفِ قَوْلَهُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْعَامَّةِ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ مَدَارَ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ أَنْ تَكُونَ قَضِيَّةُ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ هِيَ الْمُسَاوَاةَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ كَمَا تَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ مُشْتَرَكًا تَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ خَاصًّا أَيْضًا، فَلَوْ صَحَّ تَفْرِيعُ قَوْلِهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْعَامَّةِ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلِ لَزِمَ جَوَازُ أَنْ يَعْمَلَ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ أَيْضًا لِلْعَامَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَلَنَا أَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْإِذْنِ مَا هُوَ الدَّاخِلُ تَحْتَ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْعَمَلُ الْمُصْلِحُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَسِيلَةُ إلَى الْأَثَرِ، وَهُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً، حَتَّى لَوْ حَصَلَ بِفِعْلِ الْغَيْرِ يَجِبُ الْأَجْرُ فَلَمْ يَكُنْ الْمُفْسِدُ مَأْذُونًا فِيهِ) أَقُولُ: فِي تَعْلِيلِ كَوْنِ الدَّاخِلِ تَحْتَ الْعَقْدِ هُوَ الْعَمَلَ الْمُصْلِحَ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَمَلِ وَسِيلَةً إلَى الْأَثَرِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي صُورَةِ تَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دِقِّهِ مِنْ صُوَرِ مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ دُونَ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ مِنْهَا إذْ قَدْ مَرَّ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْأَجْرِ مَتَى يُسْتَحَقُّ أَنَّ كُلَّ صَانِعٍ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَصْفٌ قَائِمٌ فِي الثَّوْبِ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَكُلُّ صَانِعٍ لَيْسَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الثَّوْبِ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْبَيْعُ، وَكُلُّ صَانِعٍ لَيْسَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ لِلْأَجْرِ كَالْحَمَّالِ وَالْمَلَّاحِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ نَفْسُ الْعَمَلِ، وَهُوَ عَيْنٌ قَائِمٌ فِي الْعَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ حَبْسُهُ انْتَهَى. فَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْهُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ لَهُ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَعَمَلِ الصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ. وَنَوْعٌ لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَعَمَلِ الْحَمَّالِ وَالْمَلَّاحِ. وَأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ هُوَ الْأَثَرُ، وَهُوَ الْوَصْفُ الْقَائِمُ فِي الثَّوْبِ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي نَفْسُ الْعَمَلِ لَا غَيْرُ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ هَاتِيك الصُّوَرَ الثَّلَاثَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ مَسَائِلِ الْحَمَّالِ وَالْمَلَّاحِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِ الصَّانِعِ فِيهَا أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْأَثَرِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهَا الْأَثَرُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً، وَقَدْ صَرَّحَ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَاكَ نَفْسُ الْعَمَلِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ حَصَلَ بِفِعْلِ الْغَيْرِ يَجِبُ الْأَجْرُ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ عَلَى إطْلَاقِهِ، إذْ قَدْ مَرَّ أَيْضًا فِي الْبَابِ الْمَزْبُورِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَى الصَّانِعِ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ فَيَسْتَحِقُّ عَيْنَهُ كَالْمَنْفَعَةِ فِي مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ انْتَهَى. نَعَمْ إذَا أَطْلَقَ الْعَمَلَ فَلَهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute