للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كان نابغة عصره في الفقه والعلوم الطبيعية والبصريات وغيرها، وقد اهتم بكثير من المسائل التي كانت تشغل أهل عصره كهذه المسائل الوقحة التي اهتم بها المسيحيون واليهود، تلك الخاصة بالتماثيل المقدسة التي تبكي دموعاً ويسيل اللبن من أثدائها. فقد أجاب القرافي على مثل هذه المسائل وعالجها بالرغم من احتقار أصحابها ولو أنه كان يقدر مليكهم تقديراً عظيماً نظراً لحرصه الشديد على العلم والتحصيل. وهذه الحقيقة هي التي دفعت القرافي إلى القول في مقدمة كتابه «الاستبصار فيما تدركه الأبصار: ««وقد كتب الأنبرور (الإمبراطور) ملك الفرنج بصقلية سبع مسائل من الصعبة الشوارد والكلة الأوابد في زمن الملك الكامل يمتحن بها المسلمون، فكان ذا دهاء وعلم وذكاء وفهم فسمعت أنه أجيب عن بعضها ولم أعلم أنه أجيب عن كلها والجالب لحصول الجواب عنها وتحقيق الصواب فيها أن الناس حينئذ كثير فيهم المحصلون وعلماء الملة متظافرون، وقد جمعت في الكتاب هذا خمسين مسألة غريبة المدرك صعبة المسلك من المشكلات الحقيقية والغوامض العقلية من جنس تلك المسائل .. ».

ومن بين هذه الأسئلة الخمسين والخاصة بالبصريات بذكر شهاب الدين ثلاثاً منها منسوبة إلى القيصر فريدريش الثاني وهذه المسائل هي:

المسألة الحادية عشرة: «لم كانت المقاذيف والرماح وجميع الأشياء المستقيمة إذا دلي في الماء الصافي بعضها ترى معوجة إلى سطح الماء مع أنها ليست معوجة؟ ». وبعد أن يجيب القرافي على هذه المسألة ويشرحها يقول: «وهذه المسألة من أعظم المسائل التي سأل عنها الأنبرور».

المسألة الخامسة والعشرون: «قال الأنبرور لم كان سهيل يرى عند طلوعه أكبر منه عند توسطه مع أنه لا رطوبة في الجنوب كما قيل في الشمس؛ لأن البلاد الجنوبية صحاري يابسة فلم تكن عظيمة عند الطلوع بسبب اجتفاف الرطوبة؟ ».

المسألة الثلاثون: «قال الأنبرور لم كان صاحب البخار ومبادئ الماء يرى الخيوط السود شبه البق والناموس خارج عينه مع أنه لا شيء خارج عينيه من سلامة العقل

<<  <   >  >>