للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ابن رشد قاضي قرطبة، كان كذلك طبيباً وفيلسوفاً، وتوفي وقد بلغ اثنين وسبعين عاماً في قصر خليفة مراكش، وفي نفس العام وهو العام الذي تسلم فيه فريدريش، أربع سنوات في بالرمو، التاج الملكي. أما مؤلفاته فتكاد تتفق ومشرب القيصر الأشتوفى، وعند إلقاء النظرة الأولى عليها تبدو غير متطرفة بخلاف الوصف الذي توصف به «الحركة دائمة» ولك حركة سبب سابق وبدون حركة لا يوجد زمن، ولا نستطيع أن نتصور أن للحركة أولاً أو آخراً». وهذا الفيلسوف القرطبي يؤمن كذلك إيماناً قوياً بأرسطو ففيه كل الفلسفة. هذا رأي ابن رشد، وتتوقف المسألة على شرحه. وفكرة تجسيد المعرفة بجميع فروعها منذ ألف عام قبل مجيء الرسول، وقبل أن تعلن كلمة الله، كما يعتقد المسيحيون، كل هذا لا يمنع ابن رشد الذي يقدس أرسطو من أن يهتم بشرح فلسفة أرسطو والدفاع عنها، وكأنه أرسطو نفسه. والواقع أن هذا الفيلسوف العربي الحديث عالج المسألة في شيء عظيم من البراعة، فابن رشد يقول ما مضمونه إن الخلق من العدم عبارة عن أسطورة فالعالم في الواقع هو خلق مستمر يخلقه الله، والله هو المدبر للكون ومنظمه وهو روح الوجود، فهذه الروح الإلهية تلهم الروح الإنسانية العلم والمعرفة ...

هل هذا الفيلسوف منكر وجود الله وغير مؤمن به؟ حقاً إن ابن رشد يؤمن بحقيقتين، حقيقة المعرفة وحقيقة العقيدة. لكن ألم ينسب إليه أنه ينكر خلود الروح؟ إن هذا الرأي لابد أن يكون قد صدر عن شخص لم يقرأه. فابن رشد يقرر أن تحويل جسد الإنسان المادي هو الطارئ لكن توجد وحدة روحية فقط. والناحية السلبية من الروح جزء من الجسد ويموت يموت الجسد؛ لأن كل شيء فردي هالك. أما الجزء الإيجابي من الروح فهو الجزء الإلهي وليست فيه فردية وهو خالد. إنه مثل الشمس التي تضيء جميع الأشياء وهي خالدة، وهذا الجزء الإيجابي هو الجزء الإلهي فينا وهذا الجزء خالد أبدي خلود العالم وأبديته.

وخصم ابن رشد ذلك الذي يدعى «أن الفلسفة العربية ليست مستقلة وليس لها أصل»! «حقاً» هل قرأ هذا الزنديق هذه العبارة: «ليس للعالم وجود، إنه موجود في العقل الذي يفهمه».

<<  <   >  >>