للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الملك ولا أنعم ولا أرق منه وهو يتشبه في الانغماس في نعيم الملك وترتيب قوانينه ووضع أساليبه وتقسيم مراتب رجاله وتفخم أبهة الملك وإظهار زينته بملوك المسلمين، وملكه عظيم جدًا وله الأطباء والمنجمون، وهو كثير الاعتناء بهم شديد الحرص عليهم حتى إنه متى ذكر له طبيبًا أو منجمًا اجتاز ببلده أمر بإمساكه وأدر له أرزاق معيشته حتى يسليه عن وطنه .. ومن عجيب شأن المتحدث به أنه يقرأ ويكتب بالعربية وعلامته على أما أعلمنا به أحد خدمته المتخصصين به الحمد لله حق حمده وكانت علامة أبيه الحمد لله شكرًا لأنعمه. وأما جواريه وحظاياه في قصره فمسلمات كلهن ومن أعجب ما حدثنا به خديمه المذكور وهو «يحيى بن فنيان» الطراز وهو يطرز بالذهب في طراز الملك أن الإفرنجية من النصرانيات تقع في قصره فتعود مسلمة تعيدها الجواري المذكورات مسلمة وهن على تكتم من ملكهن في ذلك كله، ولهن في فعل الخير أمور عجيبة، وأعلمنا أنه كان في هذه الجزيرة زلازل مرجفة ذعر لها هذا المشرك فمان يتطلع في قصره فلا يسمع إلا ذكرًا لله ولرسوله من نسائه وفتيانه، وربما لحقتهم دهشة عند رؤيته فكان يقول لهم: «ليذكر كل أحد منكم معبوده ومن يدين به تسكينًا لهم»، وأما فتيانه الذين هم عيون دولته وأهل عماله في ملكه فهم مسلمون ما منهم إلا من يصوم الأشهر تطوعًا وتأجرًا ويتصدق تقربًا إلى الله وتزلفًا ويفك الأسرى ويربي الأصاغر منهم ويزوجهم ويحسن إليهم ويفعل الخير ما استطاع، وهذا كله صنع من الله عز وجل لمسلمي هذه الجزيرة».

ويعرض ابن جبير للمسيحيين وكنائسهم وتشه نسائهم بالمسلمات فيذكر. . .

«كنيسة تعرف بكنيسة الأنطاكي أبصرناها يوم الميلاد وهو يوم عيد لهم عظيم، وقد احتفلوا له رجالا ونساء فأعجبنا من بنيانها. وزي النصرانيات في هذه المدينة زي نساء المسلمين فصيحات الألسن ملتحفات متنقبات خرجن في هذا العيد المذكور وقد لبسن ثياب الحرير المذهب والتحفن اللحف الرائقة وانتقبن بالنقب الملونة وانتعلن الأخفاف المذهبة وبرزن لكنائسهن أو كنسهن حاملات جميع زينة نساء المسلمين. .».

وفي صقلية هذه بقصورها العامرة وحدائقها الغناء وفي شوارع بالرمو الواسعة

<<  <   >  >>