النظام المتبع في الأسطول العربي، فأصبح هذا السلاح البحري سلاحًا قويًا استطاع بعد زمن قصير السيطرة على شمال إفريقيا.
فهذا العربي العظيم الذي قدم لدولة النورمانيين أهم وأعظم خدمة كان مقربًا جدًا إلى الملك لا لخدمته فقط بل لأخلاقه ونبله فقد قضى جورج الأنطاكي هذا العربي العظيم نحو أربعين عامًا في خدمة الملك «روجير»، وكانت حياته الوظيفية تتسم بالوفاء والإخلاص والتفاني في العمل، هذا إلى جانب حسن المعاملة ونبل الأخلاق مما جعل الملك روجير يحترمه ويقدره تقديرًا عظيمًا لم يحظ به موظف آخر من قبل. فهناك وثيقة ترجع إلى عام ١١٣٢ م يتحدث فيها الملك عن أمير أمراء البحر جورج الأنطاكي، وقد جاء فيها ما معناه:«أنه الرجل الأول في دولته»، فهذا الرجل الذي أدى للملك أجل الخدمات، كانت الشخصية التي لا يستغني الملك عنها والرجل الذي يدين له الملك بالشيء الكثير، حتى إن أحد أعدائه اعترف له بالعظمة والفضل، عندما توفي جورج الأنطاكي بعد هذه الوثيقة بنحو عشرين عامًا، فذكر «لن يستطيع ملك صقلية تعويضه».
ثم إن صداقة مثل هؤلاء الأفذاذ تدفع الحاكم ولا شك لا إلى تقدير صديقه فقط بل إجلال أبناء جنسه أيضًا، ولذلك نجد الملك يتصل بالعرب ويتبادل معهم الرأي ويشاورهم في مختلف أموره وأمور دولته، ويذهب الملك بعيدًا فيرجو العرب أن يعلموه ما يجهل، فاحتفظ بعدد كبير من شعرائهم وعلمائهم في قصره وكلف عددًا منهم بترجمة المراجع العربية واليونانية إلى لغته، وقد شارك في هذه الترجمة أمير البحر «أويجنيوس»، كما ساهم مع النورمان في المجادلات التي كانت كثيرًا ما تقع بين المسيحيين والمسلمين، وتعصب الملك للإسلام والمسلمين. والذي حمل الملك على هذا الموقف اعتقاده، كما يروي ابن الأثير، أن المسلمين جديرون بالاحترام والتقدير، لذلك صادقهم وحماهم من الإفرنج، فأحبوه. وقد أشاد به العرب في أشعارهم كما شاركوه أحزانه عند وفاة ابنه البكر الذي امتاز بالحسن والنشط والذكاء، فرثاه الشعراء العرب، كما نجد سيدات عربيات من كرائم الأسر يندبنه ويبكينه، كما ارتدين ثياب الحزن وتركن شعورهن ووقفن أما القصر يولولون