وأصبحت ثمانية أعوام، كما أن السماح للطبيب بمزاولة الطب كان يمنح عن طريق مندوب للقيصر وفي حضوره الشخصي. وهنا أيضًا كما هو الحال في الدولة العربية نجد الحرص على الفصل بين الطبيب والصيدلي، كما نجد عناية كبرى توجه للإشراف على الصيدليات، وتحضير الأدوية والتعاليم الخاصة التي تحتم وجوب اتباع كتاب صيدلة رسمي والعمل بما جاء به. فهذا الكتاب كان يستخدم كمرشد لإعداد الأدوية، ووجوده يؤيد قيام هيئة للصيادلة والصيدليات عامة، وهذا ما يفترض القانون وجوده.
وفي الجهات الأوربية الأخرى كانت مثل هذه التعليمات موضع الاستنكار والعجب، إذ إن الدولة وليست الكنيسة هي التي تولت الإشراف على الحالة الصحية العامة، كما أننا نجد القيصر هنا سلك مسلك الخليفة والسلطان في الشرق وهو الذي يشعر كذلك بالمسئولية ووجوب النهوض بها للفائدة العامة من الناحية الصحية للرعية، وكان يدقق في وجوب مراقبة السماح للأطباء بمزاولة المهنة ويشترط في الطبيب الشرف والضمير والمهارة الكافية. ويجب أن يقسم الطبيب والصيدلي قسما أمامه، كما راقبت الحكومة الصيدليات، وفقدت الطائفة الدينية كل سلطان خاص، وكان هذا تحديًا صريحًا للكنيسة، كما أدرك هذا البابا جريجور التاسع ولم يسعه إلا أن يلتزم الصمت أمام القيصر وتحديه وبعض المساوئ التي يقترفها.
ثم أصبحت قوانين فريدريش الثاني هي الأساس الذي اعتمدت عليه القوانين الطبية فيما بعد، وهكذا نجد الخطوات الأولى تتخذ في أوربا، وفي العصور الوسطى المظلمة في سبيل الدخول في عصر جديد، وبفضل هذه القوانين وتلك الخطوات فقط نستطيع أن نقول إننا الآن حديثون متقدمون، كما أن الواقع أن القنطرة التي عبرتها أوربا لبلوغ هذه المرحلة شيدها العرب في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين.
فتأسيس الصيدليات عامة وافتتاحها وإيجاد جماعة الصيادلة ومهنة الصيدلة بالمعنى العربي والمعنى الحديث في هذا المعنى العربي ظل فترة ما قائمًا في شمال