والعلوم، وكان «جابر» هذا شخصية مستقلة استقلالا عجيبًا جبارًا حقًا «لقد كان عالمًا مشهورًا ولو أنه عربي». قال هذه العبارة رجل ممن اشتهروا بعداوتهم للعرب.
فعوضًا عن صهر المعادن التي كانت معروفة في عصره اخترع «جابر» وسيلة أخرى للصهر والتحليل وذلك عن طريق حامض ملح البارود أو حامض الملح وخليط من حامض الملح وملح البارود، و «جابر» هو صاحب جميع هذه الأحماض ومحضرها. وهكذا استطاع «جابر» ومن جاءوا بعده الحصول على مركبات عديدة من بينها أوكسيد الزئبق والزنجفر، والزرنيخ، والنوشادر، ونترات الفضة، والشب، وأملاح النحاس، والقلي الكاوي، ماء القلي، وأخرى كثيرة.
ويفرق العلماء بين الحامض والقلي كما لاحظوا زيادة وزن المعادن عند الأكسدة والكبرتة وأدركوا أولا أن النار تخمد عند انعدام الهواء. وإلى العرب يرجع الفضل في خلق العمليات الكيماوية الأساسية مثل: التبخير والتبلور والكلسنة والترشيح والتقطير، حيث فرقوا بين التقطير المباشر، وذلك الذي ينتج عن طريق الرمل أو الماء.
وقد استخدم الكيماويون العرب في عملياتهم هذه وتحاليلهم المنتجات الزجاجية العظيمة للعمال المصريين أو السوريين وبخاصة منتجات مصانع حلب حيث كانت مصنوعاتهم الزجاجية من أهم مواد التصدير العربية إلى الخارج وبخاصة سائر الأجهزة الكيماوية الزجاجية التي يحتاج إليها في سبيل إجراء التجارب وأنابيب الاختبار التي لا يستغني عنها معمل، وفي المدن السورية نجد الجهاز الذي اخترعه العرب للتقطير ألا وهو «الإنبيق» وكذلك «الأثال». وهذان اللفظان يطلقان حتى اليوم على جزأي جهاز التقطير أعني العلوي والسفلي. وقد استخدم أبو القاسم عند التقطير جهازًا آخر، وهو عبارة عن فرن يشتعل فيه الوقود آليًا وكان يغلق الأواني الزجاجية المتداخلة في بعضها بعضا عن طريق لفها بقطعة من قماش الكتان.
وقد استخدم العرب الإنبيق لتنظيف الخل وعمل النبيذ والعرق من البلح عدا تطهير الماء غير النقي، وهكذا أصبح من الميسور تطهير الماء كيماويًا وإعداده للتجارة واستخدامه للدواء. وبهذه الطريقة كان الرازي أول ما استحضر هو حامض