مستشفى ليبزج عام ١٥١٧ ثم «أوتيل ديه» في باريس عام ١٥٣١ م.
وفي منتصف القرن السادس عشر حدث أن طبيبًا من «فيرونا» أخذ يدرس شرح ابن سينا في مستشفى «بادوا» مع دراسة علمية، فأثار هذا التجديد العجب. فقد قصد «بادوا» طلبة من مختلف البلاد ليشاهدوا العرض الجديد لنصوص ابن سينا وجاينوس مطبقًا على المرضى ويشترك الطلاب مع أستاذهم. كذلك نسج على نفس المنوال طبيب آخر كان يعمي في مدينة «إينجولستات» إلا أن هاتين الحالتين كانت وحيدتين، وفي القرن الثامن عشر فقط نجد الطبيب الشهير الذي كان يعمل في مستشفى «هرمان بيرهافا» ولو أنه من مدينة ليدن يطبق العلم على العمل في المستشفى بالرغم من الحالة البدائية التي كانت عليها المستشفيات الأوربية عامة في ذلك الوقت، فقد كانت تستحق السخرية حقًا فضلا عن عدم ملاءمتها للقواعد الصحية. وبالرغم من ذلك فقد خطا هذا النطاسي البارع بالدراسة الطبية خطوة واسعة.
ولما انبثقت حركة إحياء العلوم والاهتمام بالعلوم اليونانية كان من المتوقع أن تؤثر في مكانة الطب العربي، لكن شيئًا من هذا لم يحدث، وعلى العكس، بخلاف ما وقع مع الفنون وسائر العلوم العقلية وبخاصة الفلسفة. أما العلوم القائمة على التجارب والخبرة فلم تستفد شيئًا من العلوم اليونانية.
وفيما يتصل بالطب وسائر العلوم التجريبية أو التطبيقية التي أخذها العرب عن اليونان وقدموها لأوربا. فقد كانت أيسر قبولا وأكثر رواجًا من تلك التي عرفت في بيزنطية بل امتازت عليها بحسن التنسيق وجمال العرض ودقة الملاحظة، ولم تقتصر هذه المفاضلة على البيزنطية فقط بل امتدت إلى اليونانية أيضًا.
أما كتب أمثال: علي بن العباس وابن سينا فقد كانت مثلا لامعًا في التأليف وترويض هذه المواد الجامحة، فقد تناولت هذه الكتب ما جاءها وخلقته خلقًا جديدًا فأضافت إليه الشيء الكثير فاستعاض القارئ عن سفسطة جالينوس علمًا غزيرًا جديدًا لا يستغني عنه باحث أو طالب معرفة، ومعنى هذا استعباد جديد وتبعية جديدة وحيلولة دون خلق جديد في عالم التأليف.