للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التي كانت سائدة في سالرنو.

ويجب ألا نعتقد أن هذا الأثر العربي الطبي قد أثر في الدراسات الأوربية عن طريق الكتب فقط بل جاء أوربا عن طريق الطبيب نفسه الذي لم تكن على عينه غشاوة ورأى أن يرى ما هو كائن.

أما مسرح كل هذا فقد كان الشرق: كانت مصر، التي كانت ميدانًا للحملة الصليبية الخامسة.

ففي عام ١٢١٨ التقى في الأراضي المقدسة من الصليبيين الإيطاليين طبيب عظيم من مدينة بولونيا، وقد فرضت وظيفة الطبيب «هوجو» عليه، بالرغم من أنه كان في سن السبعين ومن نسل أشراف اللونجوبرديين البورجونونيين والذين كانوا يقيمون في «لوكا» والذي كان يتقاضى مرتبًا قدره ستمائة ليرة لمدى الحياة، أن يمضي فقط ثمانية شهور سنويًا فقط في بولونيا مزاولا مهنته كطبيب شرعي. أما بقية العام فيجب أن يرافق فيه المحاربون البولونيون في حروبهم.

وحصل أن الحصار الطويل الذي ضرب على دمياط الواقعة في نهاية دلتا النيل سبَّب كثيرًا من الأهوال من مجاعة وبرد وأمراض مما فرض على الطبيب كثيرًا من الأعمال والخدمات، هذا إلى جانب الخسائر الفادحة والمعارك الخاسرة التي بذلت في سبيل الاستيلاء على الحصن، وقد انتهت جميعها بإلحاق الهزيمة بالمسيحيين وانتصر جيش السلطان الذي كان في موضع بين اليأس والأمل، لذلك انصرف الطبيب هوجو إلى علاج أولئك البولونيين من أمراضهم وجروحهم وكسر عظامهم.

وحدث عند ذاك أن هوجو أدرك أن كثيرين من الأعيان أخذوا يفضلون عليه زملاءه الآخرين بالرغم من أن رجال الدين المسيحي والمجالس المسيحية كانوا يقررون دائمًا خروج الأطباء الآخرين على الكنيسة، لكن ماذا يجدي موقف رجال الدين هذا؟ هم يحرمون، ينهون ويحذرون ويهددون ويتوعدون بالعاقبة السيئة التي تنتظرهم.

<<  <   >  >>