للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المادة التي سطا عليها قنسطنطين ونسبها إلى نفسه. لقد درس إسطفان الطب في سالرنو الواقعة على خليج «بستوم»، وظل يدرس العلوم الطبية نحو ثلاث سنوات أعجب فيها إعجابًا منقطع النظير بمؤلفات قنسطنطين. أما الآن وقد بين في الشرق ما تبين فقد استطاع في سهولة ويسر كشف القناع وإماطة اللثام عن هذا الشخص الدعي الذي نسب إلى نفسه الكتاب الملكي. وكان هذا هو البدء فقط.

ففي صقلية اهتدى المترجم «ديمتريوس» إلى أن كتاب قنسطنطين الموسوم باسم «ده أوكوليس» ما هو إلا كتاب حنين في شفاء العيون، والكتاب المعروف باسم «فياتيكم» ما هو إلا كتاب ابن الجزار المعروف باسم زاد المسافر. أما كتاب الغذاء وكتابا البول والحمى فما هي إلا ترجمة من كتاب «إسحق يوداكوس». وكذلك كتاب قنسطنطين في التشريح فهو من تأليف علي ابن عباس، وتبين العالم اليوم أن كتابه في الكيمياء مأخوذ عن الرازي.

أما بعض مؤلفات أبقراط وجالينوس فقد عرف عليها قنسطنطين عن طريق الترجمة العربية التي قام بها حنين ابن إسحق وحفيده حبيش، فقد أحضرها قنسطنطين معه إلى إيطاليا، لذلك لم يستطع سرقتها ونسبتها إلى نفسه لوجود النسخ اليوناينة الأصلية. أما أسماء العلماء العرب فلم تكن معروفة في إيطاليا، وقد تجاهلها قنسطنطين متعمدًا ولم يقف عند ذلك بل محا من عليها أسماء مؤلفيها ووضع اسمه هو معللا هذا بقوله حتى لا يأتي آخر ويسرق مجهوداته. إنه لص مجرم ينادي ويصيح اقبضوا على السارق بينما يسرق هو الأشياء ويضعها في حقيبته، وإذا استثنينا بعض الحالات الفردية فإن القوم لم يستنكروا عليه سرقات، وظلت كتبه تحمل اسمه، وذلك لأن الناس لم يحترموا حق التأليف والملكية كثيرًا أو لم يرعوا حرمة هذا الحق. ولا غرابة في هذا فحامي قنسطنطين وهو كبير أساقفة سالرنو واسمه «الفانوس» قد سبقه إلى هذه السرقات، فترجم كتابًا عن اليونانية إلى اللاتينية ونسبه إلى نفسه!

والمؤرخ الفرنسي العظيم للطب وهو «دارمبرج» قد هاج قنسطنطين الإفريقي مستخدمًا أقسى ألفاظ السب والقذف، ولو أنه أوجد له بعض العذر لسرقاته

<<  <   >  >>