للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكيف يستخدمونها أعدادًا ورياضة، وبذلك نجح العرب في الاستفادة من هذه المادة الجديدة وفي فترة قصيرة أصبحت جهازًا طيعّا للإفادة منه.

فكل تركيب حسابي وكل عملية حسابية فلكية سواء كانت معقدة أو سهلة أخذت تعتمد على الأعداد، وأقبل العربي مسرورًا على كل عملية حسابية، ثم إن بعض التخطيطات الخاصة بالآلات الفلكية والتي لم تستخدم من قبل تناولها العربي إشباعًا للذاته الشخصية الحسابية، نعم إن التفاني في العناية بأجمل أنواع النظام، أعني الحساب قادهم إلى إتقان المسائل الحسابية التي حار فيها علماء العالم القديم فلم يجدوا لها حلا.

إن مثل هذا الرأي قد يعتبر مفاجأة، وذلك لأن لفظ «أريثماتيك» لفظ يوناني، ومعناه لذة الاهتمام بالأعداد لكن هذه العملية والاهتمام بالأعداد بالنسبة لليوناني المتأمل عملية كمالية. فلما استيقظ الطفل وأدرك سر الأعداد والحساب، اهتم بنظريات الأعداد ورمزية الأعداد والأعداد الزوجية والفردية وغيرها، لكن ليس ها النوع من الحساب الذي يهم التاجر في السوق. أما الحساب التجريبي العملي والذي نعرفه اليوم كفن حساب احتسبه اليوناني فيما بعد في هذا النوع الذي يعرف باسم تعبئة الجيوش.

لقد كان هذا هو العلم المفضل عند الهنود، والهنود هم الذي خلقوه، ولكن كيف كان هذا؟ وكيف أصبح من الممكن البدء به؟ إن الهنود لم يدونوا فقط دينهم وفلسفتهم في الشعر وإلا لتساوت معهم في هذه الظاهرة شعوب أخرى ومنها الشعب العربي، لكن تميز الهنود كذلك بالفلك والرياضة وعبروا عنهما في لغتهم المقدسة الرفيعة وفي شعر يكتنفه شيء من الغموض.

والعقلية الإسلامية الدقيقة الفاحصة جعلت من الحلية القيمة بلّورًا صافيًا، فالخوارزمي هو أول من جعل الحساب علمًا صالحًا للحياة اليومية العملية وحذا حذوه فيما بعد العلماء والفرص، فعنوا بالحساب وأضافوا إليه حتى جعلوا منه الأساس الذي شيدت أوربا عليه فيما بعد علم الحساب الحالي. والفضل في كل هذا يرجع إلى أستاذ الجميع الخوارزمي.

<<  <   >  >>