ومنها أنّ قسمة الغنائم في دار الحرب لا تجوز؛ لأنّ الدارَ دارُ الكفّار؛ فيَقدرِون على استردادِها غالبًا. فهم أَوصَلُ إِلى الانتفاع بها. بخلافِ جزئيّات الغنائم، كالطعام والعلف للغزاة؛ فإِنه مُلكُ الغِزا، لتَعجُّل انتفاعِهم به. قال:"ولا يلزم على هذا الغاضبُ؛ لأنّا لا نُسلِّم أنّه أوصلُ إِلى الانتفاع بالمغصوب من المالك، لاستوائهما في الدار؛ ويرجح المالكُ بالملكيّة؛ فيمكنه الاستردادُ غالبًا، إِمّا بنفسه، أو بالمرافعة إِلى الإمام".
[تغيير الغاصب في المال المغصوب]
ومنها أنّ الغاصب إِذا طَحَنَ الحنطةَ، أو خَبَزها، أو ذَبَح الشاةَ وطَبَخها، أو أدخل الساحةَ في بنائه، انقطع حقُّ المالِك من ذلك؛ لصيرورة الغاصب أوصَلَ إِلى الانتفاع منه به.
[الكلام على قاعتدته في الأملاك]
قلتُ: هذه قاعدةٌ عن التحقيق قاعِدةٌ. أمّا أوّلًا، فلا نُسلِّم أنّ الأملاك شُرِعت استصلاحًا للعباد فقط، بل وللامتحان لهم بالتصرُّف فيها؛ بدليل قوله تعالى:{ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون}، وقول موسى لقومه ذلك بعينه، وقول النبيّ عليه السلام، "إِنّ الدنيا حلوةٌ خَضِرةٌ؛ وإِنّ الله مستخلفكم فيها، فناظرٌ كيف تعملون". ولهذا، جاء في الأثر، "يجمع اللهُ سبحانه الذهبَ والفضّةَ يوم القيامة جبلين. ثمّ يقول: هذا مالُنا عاد إِلينا؛ سِعِد به قومٌ، وشَقِى آخرون".
وإِذا ثبت ذلك، لم يَلزم أن يكون مقصودُ المالِ الانتفاعَ به، بل والتكليف بحُسنِ