فجاء كتابه هذا شاملًا حافلًا، دالًّا على إمامته في كثير من العلوم، حرى بمن أدمن النظر فيه والمطالعة له، أن يسمى عالمًا مطلعًا على الشريعة من مشارف عالية، إذا ضم إليه ما يتممه من مثل التمهيد لابن عبد البر، والمغنى لابن قدامة، وشرح السنة للبغوى، والمحلى لابن حزم، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني، رحمهم اللَّهِ جميعًا.
وقد طبع سنن البيهقي في المطبعة الحيدرية بالهند، طبعة قديمة على الأوفست، مع الحواشي التي استدرك بها ابن التركمانى على البيهقي، وسماه الجوهر النقى، وهي طبعة متقنة انتشرف بين أيدى الناس، واشتغلوا عليها حينًا من الدهر، إلى أن جاء الزمن الذي كثرت الحاجة فيه إلى إخراج الكتب في حُلل قشيبة، على الطريقة الحديثة التي يعتنى فيها بإثبات فروق النسخ الخطية في الهوامش، زيادة في الإتقان لدى تصحيح النص وكشف مشكلاته، واستكمال العمل فيه بهوامش متعددة في تخريج الأحاديث والآثار، وعزو الأقوال المأثورة والأشعار، وتفسير الغريب، وتراجم الأعلام من الأشخاص والبلدان وغير ذلك. وصناعة فهارس عامة كاشفة لمحتويات الكتاب، ومقربة للاستفادة منه وسرعة الرجوع إلى المعلومات التي اشتمل عليها.
وكان هذا مع ما تقدم من التعريف بهذا الكتاب الجليل القدر، داعيًا إلى العمل فيه وإخراج طبعة جديدة على غرار ما سبق في الكتب التي يسر اللَّهِ سبحانه وتعالى خدمتها وإخراجها.