للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو يسألها عن قول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا}؟ ، أكُذِبُوا أم كُذِّبُوا، فقالت: كُذِّبُوا، فقلت: فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن، قالت: أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك، فقلت: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا}؟ ، قالت: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، قلت: فما هذه الآية؟ ، قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك» (١).

قال الرازي معلقاً على قول عائشة - رضي الله عنها -: «وهذا الرد والتأويل في غاية الحسن من عائشة» (٢).

وعن مسلم بن يسار أنه سأل سعيد بن جبير فقال: «يا أبا عبد الله آية بلغت مني كل مبلغ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} فهذا الموت أن تظن الرسل أنهم قد كذبوا، أو نظن أنهم قد كذبوا - مخففة - فقال سعيد بن جبير: يا أبا عبد الرحمن حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم، وظن قومهم أن الرسل كذبتهم {جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}، فقام مسلم إلى سعيد فاعتنقه، وقال: فرج الله عنك كما فرجت


(١) صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} (٥/ ٢١٨).
(٢) التفسير الكبير (٦/ ٥٢٢).

<<  <   >  >>