للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتاب الله تجد ألا أجلدك؟ ، قال له: إن الله يقول في كتابه: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية (١)، فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدراً وأحداً والخندق والمشاهد، فقال عمر: ألا تردون عليه ما يقول، فقال ابن عباس: إن هؤلاء الآيات أنزلن عذراً للماضين وحجة على الباقين، فعذر الماضين بأنهم لقوا الله قبل أن تحرم عليهم الخمر، وحجة على الباقين لأن الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} الآية (٢)، ثم قرأ حتى أنفذ الآية الأخرى، فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية، فإن الله قد نهاه أن يشرب الخمر، فقال عمر: صدقت»، القصة (٣).


(١) سورة المائدة من الآية (٩٣).
(٢) سورة المائدة من الآية (٩٠).
(٣) هذه إحدى روايات القصة أخرجها: النسائي في السنن الكبرى (٣/ ٢٥٣)، والدارقطني في سننه (٣/ ١٦٦) واللفظ له، والحاكم في المستدرك (٤/ ٣٧٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٣٢٠)، قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
وللقصة روايات أخرى انظرها في: مصنف عبد الرزاق (٩/ ٢٤٠)، والطبقات الكبرى لابن سعد (٥/ ٤٠٨)، وأخبار المدينة لابن شبة (٣/ ٥٩ - ٦٦)، والاستيعاب لابن عبد البر (٩/ ١٤٧)، واختصرها البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدراً (٥/ ١٨).

وقصة قدامة - رضي الله عنه - هذه وقعت في البحرين، ووقعت قصة أخرى في زمن عمر بالشام، فقد شرب نفر من أهل الشام الخمر، وعليهم يزيد بن أبي سفيان، فقالوا: هي لنا حلال، وتأولوا هذه الآية: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، فكتب فيهم إلى عمر، فكتب عمر إليه أن ابعث بهم إلي قبل أن يفسدوا من قبلك، فلما أن قدموا على عمر استشار فيهم الناس، فقالوا: يا أمير المؤمنين نرى أنهم قد كذبوا على الله وشرعوا في دينه ما لم يأذن به. الموافقات (٤/ ١٥١) وعزاها لإسماعيل القاضي، وانظر مصنف عبد الرزاق (٩/ ٢٤٤).

<<  <   >  >>