في هذه الآيات: إن الله يعلم السر من عباده وأخفى. ويكشف لكل امرئ يوم الحساب ما ترك لنفسه من العمل وأبقى، والله تعالى يحذر عباده مغبة مخالفة التقوى.
قال السدي:(أخبرهم أنه يعلم ما أسرّوا من ذلك وما أعلنوا، فقال:{إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ}).
وقوله:{وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. أي: فكيف يخفى عليه موالاتكم لأعدائه أو ما أخفيتم في صدوركم لهم من الميل والمودة والمحبة، وهو يعلم السر في السماوات والأرض ولا يخفى عليه من ذلك شئ. {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: فلو شاء عاجلكم بالعقوبة على ما ظهر من موالاتكم لأعدائه الكافرين، فانتبهوا وانتهوا.
وقوله:{وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}. قال الحسن:(يسر أحدَهم أن لا يلقى عمله ذاك أبدًا، يكون ذلك مُناه. وأما في الدنيا فقد كانت خطيئة يستلذّها).
وقوله:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. قال الحسن:(من رأفته بهم أن حذّرهم نفسه).
في هذه الآيات: إن صدق محبة الله تعالى تعني اتباع نبيّه - صلى الله عليه وسلم - واتخاذه أسوة، فذلك الذي يورث محبة الله عباده ومغفرة ذنوبهم. إن طاعة الله وطاعة رسوله فيهما النجاة كل النجاة، والكافرون لهم عذاب أليم.