للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)}.

في هذه الآيات: إن الله يعلم السر من عباده وأخفى. ويكشف لكل امرئ يوم الحساب ما ترك لنفسه من العمل وأبقى، والله تعالى يحذر عباده مغبة مخالفة التقوى.

قال السدي: (أخبرهم أنه يعلم ما أسرّوا من ذلك وما أعلنوا، فقال: {إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ}).

وقوله: {وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. أي: فكيف يخفى عليه موالاتكم لأعدائه أو ما أخفيتم في صدوركم لهم من الميل والمودة والمحبة، وهو يعلم السر في السماوات والأرض ولا يخفى عليه من ذلك شئ. {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: فلو شاء عاجلكم بالعقوبة على ما ظهر من موالاتكم لأعدائه الكافرين، فانتبهوا وانتهوا.

وقوله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا}. قال قتادة: (موفَّرًا).

وقوله: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}. قال الحسن: (يسر أحدَهم أن لا يلقى عمله ذاك أبدًا، يكون ذلك مُناه. وأما في الدنيا فقد كانت خطيئة يستلذّها).

وقوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. قال الحسن: (من رأفته بهم أن حذّرهم نفسه).

٣١ - ٣٢. قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)}.

في هذه الآيات: إن صدق محبة الله تعالى تعني اتباع نبيّه - صلى الله عليه وسلم - واتخاذه أسوة، فذلك الذي يورث محبة الله عباده ومغفرة ذنوبهم. إن طاعة الله وطاعة رسوله فيهما النجاة كل النجاة، والكافرون لهم عذاب أليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>