في هذه الآية: نهي من الله سبحانه المؤمنين أن يتخذوا أعوانًا لهم من الكافرين أو أنصارًا وظهورًا، ومن يفعل ذلك يبرأ من الله عز وجل.
قال ابن عباس:(نهى الله سبحانه المؤمنين أن يُلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجة من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفارُ عليهم ظاهرين، فيظهرون لهم اللُّطف، ويخالفونهم في الدين. وذلك قوله:{إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}). قال:(التقاة التكلم باللسان، وقلبه مطمئن بالإيمان). وقال مجاهد:(إلا مصانعةً في الدنيا ومخالفة).
وقال أبو العالية:(التقيَّة باللسان وليس بالعمل). وقال عكرمة:(ما لم يُهرق دم مسلم، وما لم يستحل ماله).
قال البخاري:(قال الحسن: التقيَّةُ إلى يوم القيامة). وكذلك حكى البخاري عن أبي الدرداء، أنه قال:(إنا لَنكشرُ في وُجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم).
وقال قتادة:({إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}، الرحم من المشركين، من غير أن يتولوهم في دينهم، إلا أن يصل رحمًا له في المشركين). وقال الحسن فيها:(صاحبهم في الدنيا معروفًا، الرحم وغيره. فأما في الدين فلا).
قلت: والأول أظهر، فالرحم يستثنى منه الوالدان بحسن الصحبة مع مخالفة الشرك إذا كانا عليه، والسياق يدل أكثر على المعنى الأول.
وقوله:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}. أي: يخوفكم بطشه وغضبه إن واليتم الكفار.
وقوله:{وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}. أي لله مرجعكم ومصيركم إذا خرجتم من قبوركم للحساب.