ويقيموا الصلاة ويحذروا سبيل المشركين، الذين افترقوا في دينهم نتيجة التبديل والتحريف والإيمان ببعضه والكفر ببعض، فكل حزب بما لديهم فرحون.
فقوله:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}. قال القاسمي:(أي: فقوّمه له، واجعله مستقيمًا متوجهًا له). والحنيف: المائل عن الباطل إلى الدين الحق.
وقوله:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}. قال ابن زيد:(الإسلام، مذ خلقهم الله من آدم جميعًا، يقرون بذلك). قال الزجاج:({فِطْرَتَ} منصوب، بمعنى اتبع فطرة الله. قال: لأن معنى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} اتبع الدين الحنيف واتبع فطرة الله). وقال ابن جرير:{فِطْرَتَ اللَّهِ} مصدر، من معنى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ} لأن معنى ذلك: فطر الله الناس على ذلك فِطرة).
وقوله:{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} - فيه أقوال متقاربة متكاملة:
١ - قال عكرمة:(لدين الله). وقال البخاري: (قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}: لدين الله، {خُلُقُ الْأَوَّلِينَ}[الشعراء: ١٣٧]: دينُ الأولين، و"الفطرة": الإسلام).
٢ - وقيل: هو خبرٌ بمعنى المطلب، أي لا تبدّلوا خلق الله، فتغيّروا الناس عن فطرتهم التي فَطَرَهم الله عليها.
٣ - وقيل: هو خبَرٌ على بابه، ومعناه: أنه -تعالى- ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على الجِبِلَّةِ المستقيمة، لا يولَدُ أحدٌ إلا على ذلك، ولا تفاوت بين الناس في ذلك.
قلت: وربط الفطرة بالميثاق الذي أخذه الله تعالى على بني آدم ربط قوي، فإن الفطرة والميثاق بينهما صلة من النسب.